يقولون أن لكل صحفي يوم سعد وحظ،ربما يدفع به هذا اليوم إلي أقصي ذري المجد..لكن من ناحية أخري فإن الصحفي _مهما كانت مهارته_ لا يستطيع التنبؤ بميعاد هذا اليوم،ودوما ما يكون ابداعه حينها وليد اللحظة وابنا شرعيا للارتجال ..وربما كانت من هنا عبقرية "الغيب".
نعم..كانت المسافة الفاصلة بيني وبين عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية أقل من ثلاثة أمتار ولم أتحرك ولم انتهز الفرصة.
في الدور الأول في فندق النيل هيلتون بالقاهرة،أنهيت ميعاد عمل،وخرجت للردهة أنا والصديق بهاء الطويل ،وقد كنا لتونا أنهينا حديثنا حول قدرة الصحفي علي التعامل مع الحدث مهما كان،وحكيت له قصتي الأثيرة:
"حين تلقي الرئيس الأمريكي جون كيندي رصاصات الغدر سنة 1963 كان هنالك بالخلف صحفيان فذان،الأول جاك بيل من اسوشيتد برس،وميرمان سميث من يونايتد برس،كانا يركبان سيارة خلف موكب كيندي،فما كان من ميرمان إلا أن اختطف سماعة التليفون وتصدي للكمة زميله جاك ثم بلغ الخبر لوكالته ليصبح أول صحفي في العالم يرسل خبر اغتيال الرئيس،وفاز ميرمان بجائزة بوليتزر عن تغطيته للاغتيال ساعتها".
القصة تحمل دلالتها ،وتشي ببراجماتية الصحفيين،وسعيهم_الانتحاري أحيانا_للخبر والسبق.
كان من الغريب أن ننتهي أنا وبهاء من سرد القصة لنفاجأ بعمر سليمان شخصيا أمامنا!
بهاء..بهااااء..بهاااااااااااااااااااااااء
_إيه؟
عمر سليمان!
إيه؟
عمر سليمان يابني ادم..بص قدامك..
إيه ده..دهو هو صح..
أخذت أنا وبهاء في هذا الانشداه الطفولي الساذج مدة نصف دقيقة والرجل يمرق أمامنا في حراسة فرد واحد لا أكثر،حتي انتهي من نزول درجات السلم.
بالطبع لم تكن فكرة الجري لملاحقة "سليمان" بالحل الأصوب،فمن المؤكد أن حراسة واحد من أخطر رجال الشرق الأوسط،لاتضع في حساباتها نزق صحفي شاب جاء عن طريق الصدفة إلي المكان الصح في اللحظة الأصح،وقرر أن يجري مندفعا نحو السيد "اللواء" بأقصي سرعته!
كان سليمان مجتمعا مع وفد لبناني في القاهرة،تنبني هذه المعلومة علي رؤيتي لرجل دين درزي في قاعة الاجتماع،كما أن بهاء رأي رجل دين شيعي قبلها بقليل،وهو ما يرجح من احتمالية تباحث الشأن اللبناني هنا بالقاهرة،تحت رعاية مصر.
غادر سليمان طعام العشاء مبكرا،في صحبة فرد حراسة واحد،بينما امتلأ لوبي الفندق بعدد من لواءات الشرطة المتراخين المتسامرين،وبدا النيل هيلتون ساعتها ودودا أليفا الي درجة غير قابلة للتفسير،حتي أنني دخلت الفندق دون تفتيش ورغم تعرض جهاز الانذار لي لدي دخولي بولولة ونذير يشيان بأني محزم بستة قنابل هيدروجينية،إلا أن الحراس كانوا معي في منتهي اللطف،مقارنة بغلظتهم السابقة وتعنتهم غير المبرر!
دوما ما أفكر في اليوم الذي سيجمعني ب "deep throat" الخاص بي،أو "الحلق العميق"..لقب اشهر مصدر سري في تاريخ الصحافة،المصدر الذي كشف ل "بوب وودوارد" عن فضيحة "ووتر جيت" وأقيل علي إثرها نيسكون جراء واحد من أفضل التحقيقات الصحفية في التاريخ علي الإطلاق.
لا أفكر فيما سيحدث لو أنني لم أقع أسير الدهشة مدة ثلاثين ثانية،لكني استبشرت بالواقعة خيرا،فلربما دنا لقاءي ب"حلقي العميق"،واللقاء_هنا_ ليس لأهميته المادية المباشرة بمقدار ماهي الفائدة الاخلاقية والانسانية المنصرفة لحساب وصالح المجتمع،وبطبيعة الحال مجدك وألقك الشخصي كصحفي نابه.
دروس مستفادة:
1- اذهب كثيرا للنيل هيلتون فلربما تلتقي "حلقك العميق".
2- لاتندهش لدي رؤية عمر سليمان.
3- لاتجري نحو عمر سليمان اذا اندهشت مدة نصف دقيقة.
4- لاتسجل هذه الأحداث في مدونتك الشخصية الا بعد كتابة القصة الخبرية للصحيفة التي تعمل لحسابها،حتي يتم إدراج الموضوع ضمن كشف انتاجك الشهري.
نعم..كانت المسافة الفاصلة بيني وبين عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية أقل من ثلاثة أمتار ولم أتحرك ولم انتهز الفرصة.
في الدور الأول في فندق النيل هيلتون بالقاهرة،أنهيت ميعاد عمل،وخرجت للردهة أنا والصديق بهاء الطويل ،وقد كنا لتونا أنهينا حديثنا حول قدرة الصحفي علي التعامل مع الحدث مهما كان،وحكيت له قصتي الأثيرة:
"حين تلقي الرئيس الأمريكي جون كيندي رصاصات الغدر سنة 1963 كان هنالك بالخلف صحفيان فذان،الأول جاك بيل من اسوشيتد برس،وميرمان سميث من يونايتد برس،كانا يركبان سيارة خلف موكب كيندي،فما كان من ميرمان إلا أن اختطف سماعة التليفون وتصدي للكمة زميله جاك ثم بلغ الخبر لوكالته ليصبح أول صحفي في العالم يرسل خبر اغتيال الرئيس،وفاز ميرمان بجائزة بوليتزر عن تغطيته للاغتيال ساعتها".
القصة تحمل دلالتها ،وتشي ببراجماتية الصحفيين،وسعيهم_الانتحاري أحيانا_للخبر والسبق.
كان من الغريب أن ننتهي أنا وبهاء من سرد القصة لنفاجأ بعمر سليمان شخصيا أمامنا!
بهاء..بهااااء..بهاااااااااااااااااااااااء
_إيه؟
عمر سليمان!
إيه؟
عمر سليمان يابني ادم..بص قدامك..
إيه ده..دهو هو صح..
أخذت أنا وبهاء في هذا الانشداه الطفولي الساذج مدة نصف دقيقة والرجل يمرق أمامنا في حراسة فرد واحد لا أكثر،حتي انتهي من نزول درجات السلم.
بالطبع لم تكن فكرة الجري لملاحقة "سليمان" بالحل الأصوب،فمن المؤكد أن حراسة واحد من أخطر رجال الشرق الأوسط،لاتضع في حساباتها نزق صحفي شاب جاء عن طريق الصدفة إلي المكان الصح في اللحظة الأصح،وقرر أن يجري مندفعا نحو السيد "اللواء" بأقصي سرعته!
كان سليمان مجتمعا مع وفد لبناني في القاهرة،تنبني هذه المعلومة علي رؤيتي لرجل دين درزي في قاعة الاجتماع،كما أن بهاء رأي رجل دين شيعي قبلها بقليل،وهو ما يرجح من احتمالية تباحث الشأن اللبناني هنا بالقاهرة،تحت رعاية مصر.
غادر سليمان طعام العشاء مبكرا،في صحبة فرد حراسة واحد،بينما امتلأ لوبي الفندق بعدد من لواءات الشرطة المتراخين المتسامرين،وبدا النيل هيلتون ساعتها ودودا أليفا الي درجة غير قابلة للتفسير،حتي أنني دخلت الفندق دون تفتيش ورغم تعرض جهاز الانذار لي لدي دخولي بولولة ونذير يشيان بأني محزم بستة قنابل هيدروجينية،إلا أن الحراس كانوا معي في منتهي اللطف،مقارنة بغلظتهم السابقة وتعنتهم غير المبرر!
دوما ما أفكر في اليوم الذي سيجمعني ب "deep throat" الخاص بي،أو "الحلق العميق"..لقب اشهر مصدر سري في تاريخ الصحافة،المصدر الذي كشف ل "بوب وودوارد" عن فضيحة "ووتر جيت" وأقيل علي إثرها نيسكون جراء واحد من أفضل التحقيقات الصحفية في التاريخ علي الإطلاق.
لا أفكر فيما سيحدث لو أنني لم أقع أسير الدهشة مدة ثلاثين ثانية،لكني استبشرت بالواقعة خيرا،فلربما دنا لقاءي ب"حلقي العميق"،واللقاء_هنا_ ليس لأهميته المادية المباشرة بمقدار ماهي الفائدة الاخلاقية والانسانية المنصرفة لحساب وصالح المجتمع،وبطبيعة الحال مجدك وألقك الشخصي كصحفي نابه.
دروس مستفادة:
1- اذهب كثيرا للنيل هيلتون فلربما تلتقي "حلقك العميق".
2- لاتندهش لدي رؤية عمر سليمان.
3- لاتجري نحو عمر سليمان اذا اندهشت مدة نصف دقيقة.
4- لاتسجل هذه الأحداث في مدونتك الشخصية الا بعد كتابة القصة الخبرية للصحيفة التي تعمل لحسابها،حتي يتم إدراج الموضوع ضمن كشف انتاجك الشهري.