90s fm

السبت، 21 فبراير 2009

أميرة..الإخوة بالألحاح

لم تمثل أختي الصغري أميرة نقطة توقف في حياتي علي الإطلاق،فدوما ما كنت أخوها غير المفضل..وبالمثل كانت هي.

افترقنا أكثر مما التقينا،اختلفنا أكثر مما اتفقنا،اصطدمنا أكثر مما التئمنا..كانت علاقتنا _عادة_ما تمضي علي مضض..وثمة شعور طاغ بيننا أننا ضدان ما اجتمعا إلا وكان لأحدهما الغلبة علي الآخر تنغيصا وتنكيدا وقهرا.

أصفها ب "الدنيوية" وتنعتني ب "الكئيب"..أراها تافهة صاخبة خاوية،وتراني معقدا غامضا ثقيل الحضور. وعلي الرغم من علاقتنا المتوترة بصفة تاريخية،إلا أن الأمر لم يخل من لحظات غامضة كنا نلتقي فيها علي تناقضنا،وكانت عاطفة "الأخوة" هي القوي و الأكثر سيطرة علي المشهد والأقدر علي توجيهه.

لحظات فارقة_حين كنا نستشعر الخطر علي أي منا_فنقترب من بعضنا بصورة غريزية،ونتفاهم بصورة أثيرية،ونخطط وندبر ونتحرك دون أن نحتاج لكلمات شفوية إرشادية..وكأن ثمة دائرة مغلقة بيننا.

كانت أميرة_وهي رغم كل اتهاماتي لها تظل انسانة فارقة وتحتوي جموحا جميلا يحلق بها بين سبع سماوات_كانت تتحول في لحظات إلي كيان ما قويّ بصورة لا ترد..حنون بصورة لا تنكر..ذكي بطريقة لايمكن أن تتجاهلها.

ورغم أن لحظات أخوتنا المشتركة يمكن عدها علي الأصابع،إلا أنها_بفعل الزمن_ومع تكاثرها،ومع قصر الفترات الفاصلة بين اللحظة واللحظة،أجد نفسي أمام واقع فرط مدهش.

كأن أميرة_نقيضتي_أضحت جزءا مني وأصبحت منبثقا عنها..كأن المنبع والمنبت واحد حقا،وكأن الدم الذي يسري بيننا_دم الأخوة_يثبت حضوره رغما عن سيرورة الزمن التي كنت أظنها تقتضي غير ذلك.

نظرة خاطفة علي منحنيات علاقتي بأميرة،تشي أن ثمة تغير بطيء يغير من طبيعة المنحني يوما عن يوم،يعزز نفسه بحيث يفاجأ كلانا _في لحظة مباغتة_ أننا أصبحنا إخوة فعلا..كأننا أصبحنا إخوة بالإلحاح والتحايل علي الأمر الواقع.

وكثيرا_في كل لحظات أخوتنا تقريبا_ ما كنت أقول لها أنت تذكريني بالصورة الكارتونية ل"الساحرة الشريرة"..وحينها_تحت سطوة الرغبة في الهزار_ تضحك أميرة ضحكة شيطانية وتمتطي مقشة البيت وتقول لي :سأنغص عليك حياتك!

أتأمل ما آلت إليه أحوالنا مندهشا،واضطر لتصديق حقيقة دامغة،ليس بوسعي تسميتها أو بلورة الألفاظ الدالة عليها..لكنها تظل جميلة كأميرة..حنونة كأميرة.. تافهة صاخبة خاوية كأميرة أيضا .

ملحوظة:لو أنك يا أميرة قرأت هذه التدوينة يوما ما عن طريق الصدفة،أود أن أقول لك : نيهاهاهاهاها..طوبي للذي يهادون أخواتهم بدمي الساحرات الشريرات.

الأربعاء، 11 فبراير 2009

يا "صوتها" الحلوا

تبيان: وماطربي لما رأيتك بدعة..قد كنت أرجو أن أراك فأطربُ

سمعت صوتها_وهي تقول ها قد رأيتك_فانتفضت،وشهقت_ولم أك أدري معني أن تشهق فرحة_وتفلتت مني،رغما عني،أنصاف ضحكات بصوت بهوج،كأني أرد التحية بمثلها،بل بأفضل منها..وذاك خلق المحسنين.

كانت اليوم تجربتي الأول مع تلك النبرة الصوتية،فأذني لم تحتك_علي مدار تاريخي السمعي_بمثل هذه النبرة أبدا،أقسم أني_ما حييت_لن أسمع مثلها رنينا ولا صدقا.

هامش: ياقوم أذني لبعض الحي عاشقة..والأذن تعشق قبل العين أحيانا

قالت_يارعاها الله_وفي القول منها سلوي وعزاء،كل ما لايقال،ففطنت إلي أني لا أراها إذ أري.

شهقتُ،مرتين،وكتمت الشهقتين ..فتبدي لي_علي الفور_ تسع من الملائكة،كلهم يقول :ويحك يا فتي! إلا واحدا ناولني كوبا من الماء،ومسح علي صدري..وابتسم،وغمز بعينه اليمني.

أغمضت عيني،والتزمت الصمت حتي قلت أني نذرت للرحمن صوما،ولو رغما عني.

ياباسمة المحيا،ألست تعلمين أن لك__ولو بأثر رجعي_ما يخولك قتلي دون دية؟

منطق:إن العيون التي في طرفها حور..قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يعيد الزمان كرته : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إنَا كنا فاعلين)،ونلتقي رغما عن رغبتنا التي نزلنا عليها سنين عددا،ولكن: وقد يجمع الله الشتيتين بعدما.. يظنان كل الظن ألا تلاقيا.

اليوم نؤكد علي موقفنا المشترك ورؤيتنا المشتركة_وصال علي بعد،بعاد علي وصل_لكنني اليوم يا باسمة المحيا أكتشف شيئا جديدا: أن صوتك أجمل..أن نبرتك أصدق.

خاتمة: سبحان من جعل القلوب خزائنا..لمشاعر لمّا تزل تتقلب

السبت، 7 فبراير 2009

طلال فيصل..نطاسيّ ضليع (موضوع تسجيلي)


أدرجت سجلات الدولة المصرية السيد طلال فيصل،طبيبا عاملا في أوراقها الرسمية،وقالت مصادر موثوق بها أن صفة العمل التي عكفت علي إتمامها لجنة رسمية برئاسة السيد وزير الصحة ارتأت بعد مداولات طويلة،منح السيد طلال فيصل آل خزاعة،صفة :"نطاسيّ ضليع".

ويأتي ذلك التوصيف بعد نجاح طلال في امتحانات كلية الطب"القصر العيني" بالفرقة السادسة،وإثر عدد من النجاحات الطبية المدوية التي دفعت أساطين فنون الطبابة لمراجعة أنفسهم مرة أخري،ويعتقد أنها ستعيد كتابة عددا من فروع العلم الوقور مرة أخري،وأبرزها:الجلدية والباطنة والأطفال والسينما الصوفية.

ونحن إذ نتمني لطبيبنا الشخصي الذي خاض معنا مر آلام جسدنا العزيز،مستقبلا مشرقا،ندعو سيادتكم للتوافد زرافات ووحدانا،إلي عياداته الكائنة بعابدين والعتبة والمرج والسنطة ودكرنس وجرجا والقرنة وأطراف النوبة وشمال سيناء.

(تنويه:يوجد فروع للمعالجة من مس الجان)



*الصورة أعلاه للسيد طلال بعدسة محمد علي الدين

الاثنين، 2 فبراير 2009

الشجرة البلاستيكية..قراءة في فقه البنوة

صبيحة كل يوم،كنت أجد "كابل" الانترنت موضوعا علي مكتبي ،مثبتا بواسطة الشجرة البلاستيكية التي أضعها أمامي..لم أك أعرف من الذي يرتب لي مكتبي كل صباح،لكني بحال من الأحوال لم أعتقد أنه أحد السعاة.

***

تصر أميرة هشام أن تشاركني مكتبي،أن تؤسس لنفسها وجودا_ولو اعتباريا_ علي هامش المنضدة الخشبية التي يصل طولها الي متر ونصف المتر،ولا أتذكر في أية ملابسات حصلت عليها_المنضدة لا أميرة_ واعتبرتها مكتبي الخاص،ولظروف_لا تحمل أي شبهة ما_ كانت أكبر من مكاتب الآخرين من الزملاء.

أصدقكم القول،لا يبدو احتلال أميرة لهذه المساحة من المكتب أمرا دخيلا علي المشهد العام،لا تبدو كما لو خرقت نظاما ما بصورة من الصور،فقد استحال المكتب _والمشهد_ بمرور الايام ليتحوي اميرة ومعداتها كما لو أن الخيط الوهمي المتخيل للشكل الجمالي_أو المنظم_ للأشياء،ينثني وينساب بحيث تصبح أميرة جزءا من التكوين.

أتاح احتلال أميرة للجزء المقابل من مكتبي،أن ترشوني خلسة دون أن يلحظ أحد(تمرير العسلية مثلا كاعتذار حضاري عن تأخرها في تسليم الشغل،أو الغمز بباكو بسكويت بالشيكولاتة كامتصاص مشروع لغضبي من تلكؤها في إتمام العمل،بونبوناية أو شيكولاتية أو ما شابه،وهي امور أتحفظ في تلقيها من كل من هو عدا أميرة) وفيما تناولني أيا من الحلوي،أنهرها_بقسوة مفتعلة_ بينما ألوك الحلوي في فمي: بس دي كده تبقي رشوة.

تنظر أميرة في ضيق _وقلة حيلة_ وتضطر درءا لما اتهمتها به أن تمرر لي عسلية مرة أخري أو شيكولاتة أو ما شابه..لكن هذه المرة بعد تسليم العمل،قائلة :"هذه المرة لا يوجد احتمال لشبهة الرشوة"..تقولها في تحدي،وأقضم أنا العسلية في تلذذ وسادية.

***

تنخرط أميرة هذه الأيام في "كورس" من ذلك الطراز الذي لا أجد مبررا كافيا للانخراط فيه،بما يستتبع أن تتغيب عن العمل كلية،وهو ما بدا بمرور الأيام مأزق حاد لا أستطيع تحمله.

***

لا ندرك قيمة البعض إلا لدي غيابهم،نظن أننا الأهم في حياتهم بينما _ربما_هم الأهم في حياتنا،نعتقد أننا نغدق عليهم ونتفضل برسم الخطوط العريضة لحياتهم،بينما هم يملأون وجودنا وكياننا بتفاصيلهم الصغيرة.

أميرة التي تقع مني موقع الابنة_وأغلب الظن ابنتي الصغري_،وأقسو عليها بتسرع الأب "المستجدة أبوته"..أناضل لها من أجل حياة أفضل دون أن تدرك هي،أتخيل دوما مستقبلها وقد أضحي أكثر أشراقا.

***

وتثبت أميرة يوما عن يوم أن وجودها يجعلني أنظر للحياة باختلاف،أنظر لها من زواية أخري ربما لا تدرك أميرة أنها هي الوحيدة التي تمنحني إياها.

***

بعدما انخرطت أميرة في الكورس_اللا مبرر بالنسبة لي_لم أعد أجد "كابل" الانترنت مثبتا علي مكتبي تحت الشجرة البلاستيكية صباح كل يوم.