90s fm

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

يوم رحلت الجدة


باختزال مخل بالمعنى: ماتت الجدة!

أتلقى الخبر فلا أستوعبه، جدتك فلانة ماتت.

"فلانة ماتت" اختزال يطوي، باستهزاء نادر، نحو سبعين سنة عاشتها الجدة، ويسخر من عشرات السنين الأخرى التي نتقاطع_نحن الأبناء والحفدة_ معها فيها.

ماتت كما كنت أتمنى منذ عشر سنوات:

وأنا بعيد..بعيد جدا.

لا أرى العيون الباكيات، لا أسمع الصراخ المكتوم، ولا أتورط في مراقبة النعش كي أتأكد أن الجدة ماتت، وأن الآخرين لا يخادعونني كالعادة.

يذهب معها تاريخ طويل من الانحياز لصفي_ حقا وعن غير حق، وتتبدد ذكريات_مشوشة بدورها_ عن طفولة قضيتها بكنفها أضع فيها القواعد الأولى لعالمي المتخيل، وأرقب كل شيء من طرف خفي.

لم أتورط في بكاء من أي نوع، ولم أفتش في ضميري عن السبب (نضج؟ جمود؟ ثبات؟ إيمان؟ تمرس في إدارك قواعد الحياة؟ بلادة؟).

أسترجع رائحة خبزها، رائحة شالها، مذاق غداء الجمعة وأنا بجوارها_دونا عن باقي الأحفاد_ أحتل مكانا في الصدارة يستمد مكانته من هيبة شاغلته.

كل الأطباء بنظرها يشبهون أحمد ابن بنتها.كل شيء جميل يمت إليه بصلة ما. كان بنظرها وضعا استثنائيا لا توجد المبررات الكافية لاستثنائه على هذا النحو.

ينقل لي أحفادها الأقل سنا( الجيل الذي يليني وأقراني) الأساطير التي تنسجها بشأني، والحكايا التي ترددها للجارات فخرا وكيدا، فرحا وارتكازا على مبادئ الجاهلية الأولى "أنا خير منكم وحفيدي خير من أحفادكم".

أترحم ترحما مشوشا، وأجزم بيني وبين نفسي: لن أذهب لبيتها كي أفتش عن طيفها تارة أخرى، لن أبذل نفسي حنينا على ما كان.

سأقلدها تماما في آخر عمرها..أتوهم أصوات الراحلين السابقين..تدعوني للحاق بهم. وسأسمع صوتها المبتهج "تتعشى يا ميشو؟". رحمها الله كانت تدعوني "ميشو" ولم أسألها عن السبب أبدا.

العمر قصير وإني لاحق بك عما قريب أو عما أقرب..ما أقرب الملتقى يا جدة؟

يرحمك الله..ويرحمنا..السلام أمانة عليك لأهلينا..لكل العظام الراقدة.

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

انحيازا للشلل


حين ترتعش يدي أحس بالأمل

لأن الشلل لم يجتاحني بعد(إنها سليمة وتنبض بالحياة)..أذهب إلى جدتي أطمئنها، أقول لها انظري: إنها ترتعش!

لن أشل كما توعدتك جارتك القبيحة التي تنشغل بالسحر والأعمال..قبل عشرين سنة..

(حفيدك سيشل أمام عينيك وتبكين عليه دما)

أتذكر أني لم آكل منذ الصباح..فأقول: حق لها أن ترتعش..

يا جدتي لا تخافي علي..أنا أقرأ المعوذتين ولا أخلع عن عنقي حجاب الحفظ..أنا أخاف عليك في شخصي يا جدة.

بل لقد كان مثاليا جدا _لمن هم في مثل حالتي_ أن يعتزلوا الآخرين قليلا..

دفء يد الحبيبة في يدي..سيوقف رعشتها رويدا..كأنها على وشك الشلل

كف صاحبي التي تهوي على كفي (ممازحة) ستبعث في جنبات اليد تنميلة خفيفة..كأن الكف على وشك الشلل

زيغ بصري من السماء لأرض الغرفة خير من تثبيتها على الحبيبة (أدعوه تملية العين)..لأن في الثبات إرهاصة الشلل..

اصطكاك الأسنان بردا..فيه حركة مضادة_ولو معنويا_ لمنطق الشلل

حين تجتاع الرعشة جسدي كلية أحس بالأمان..فالاهتزاز عن الموضع ينفي إمكانية الشلل..

حين تتداخل الأفكار في الوحدة أحس باضطراب فوضوي يرفع عن كاهلي ثقل هاجس: في السكون شلل..

هاتي خبزك الساخن الطازج يا جدتي..ففي خبزك المأمن من كل شرور العالم..هاتيه وطمأنيني..

واتركي يدي مرتعشة..ففي الارتعاش انحياز مسبق ضد الشلل..

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

بخصوص أمر زواجنا الآنف الإشارة إليه ديالا


بسم الله الرحمن الرحيم

حبيبتي ديالا،،
إلى أن يصلك خطابي هذا، من المؤكد أن محبتك ستكون قد تضاعفت بداخلي عشرات المرات، ومن المؤكد أن أشياءا كثيرة ستكون قد جرت في النهر..نهري ونهرك.
آثرت أن أراسلك هذه المرة بجواب خطي بعيدا عن جمود البريد الإليكتروني الذي لا يتيح لك فرصة إبداء التعجب رقم 108 من الطريقة التي أكتب بها حرف "الحاء"..
لا أتذكر هل كان تكرارك لهذه الملاحظة مملا أم لا؟ "أحمد أنت تكتب الحاء كما لو كنت ترسم النصف الخلفي من طاووس شفاف". لكن 107 مرة من إبداء الملاحظة ذاتها كان كفيلا بإثارة خيالي نحو نصف طاووس شفاف.
لن أتطرق هذه المرة للفتاة التي كنت بصدد خطبتها، فقد حكيت لك مسبقا أسباب الفشل، لقد خلق كلانا لكلينا. نقتسم الغلاسة ذاتها والتفاني نفسه والقدرة على المصارحة المستفزة، حتى اسمينا يليقان على بعضهما جدا كزوجين (أحمد& ديالا).
وجدت اليوم بالصدفة أثناء ترتيب مكتبتي، المسودات التي أعددتها لمساعدتك في الحصول على الماجستير، هل تتذكرين الأيام المضنية التي قرأت لك فيها شروح المتنبي " فإن في الخمر معنى ليس في العنب"؟
قدرتك على التداعي اللغوي ليست هي الأمثل، لكنها ستمكنك حتما من إنجاز رسالة دكتوراة حول التوظيف المجازي لمفردات الطبيعة لدى المتنبي وتي إس إليوت.وستصيرين بعدها أستاذة في الأدب المقارن واللسانيات في إحدى الجامعات البريطانية المرموقة. ثم ماذا؟
ثم الكثير من الهراء إلى أن يتوفاك الله.
تعالي هنا إلى مصر، تجلسين مع عماتي وخالاتي وتتعلمين لف المحشي، وآخر النهار سنتداول كل الشؤون الكونية التي تؤرقك..اقتصاد السوق والتدين الجديد والحضارة الفرعونية وفلسفة سارتر..
دعيني أعول على هذا الشعور اللطيف الذي يجتاح كلينا كل مرة نلتقي فيها، دعيني أخبرك أن المتوترين الكئيبين أمثالي لا تخذلهم الطبيعة ولا تتخلى عنهم الأقدار.
أقرأ قصيدتك المكتوبة بفرنسية رائقة كي أحس ألف مرة أنني في أرض غير الأرض وتحت سماوات غير السماوات.أأنا هذا الذي كتبت فيه هذا يا ديالا؟
(مشرق كالشمس، حي كالنبت الأخضر، خفيف جدا كأنه لا يدب على الأرض بقدمين، يكاد يطير ويحلق عاليا، يكاد يرتحل إلى إلهه الذي يعبده في أي لحظة..

يدهشني ذكاؤه..تجتاحني عاطفته..ويستوقفني الشيء المجهول المتناقض في كل ما يقول..إنه الشيء وعكسه كما كل شيء في الكون..من فلسفة كانط إلى مباديء بور..أنا أحبه فحسب).

تعالي هنا..أزرع أنا أرض جدي.. وتلفين أنت المحشي وتقرأين سارتر.
ملحوظة: إذا لم يصلني ردك خلال السنوات الخمس القادمة، سأكون قد تزوجت من ابنة خالتي على الأرجح. وذلك لأسباب كثيرة ليس من بينها دراسة المتنبي.

الخميس، 30 سبتمبر 2010

متلازمة ارتجافة رؤية الحبيبة


وإني لتعروني لذكراك هزة..كما انتفض العصفور بلله القطرٌ

هناك شيء ما يريد ألا ينتهي في حكايتنا.

السنة التاسعة الآن؟

تفصل بيننا حقائق جغرافية مجردة من المشاعر، ومسافة زمنية تفرش الجبال والصحاري والبحار التي تفصل بين بلدي والبلد الذي ساقتك أقدارك للاستقرار فيه قبل خمس سنوات.

لكن رجفة القلب التي تنتابني حين أراك، لازالت نابضة حية كأنها تكرار مستنسخ من رجفة الرؤية الأولى.

صدقيني لم أعد متصالحا مع الحياة متماهيا مع إيقاعات الكون أعاني من فرط تفاؤل مستفز لكل المحيطين، أنا الآن مغلف بغبار الزمن وحقائق الحياة بكل سخافاتها الممكنة، وكما يقول أمل دنقل :"لم يعد في جعبتي غير الحكايا السيئة".

لكن رجفتي لرؤياك هي الدليل الوحيد على أن نقائي الأول لازال هنا أو هناك، هي القرينة الباقية على أن حياتي يمكن أن تتخذ مسارا آخر غير ذلك المسار البليد الجاف الذي اخترت أن أسلكه طواعية بعد سفرك.

صلبُ أنا بسبب نشأتي، قادر على سحق قلبي، لكن الأمر معك مختلف تماما..ربما لأن الحب "عرفوه بالضعف".

أتسائل كثيرا، هل لازلت تذكرين مشاعري الغضة الغريرة؟ أم أن الحياة أنستك أنت الأخرى أننا كنا حبيبين يوما ما؟ (كنت أحبها علنا وتحبني سرا، اللهم لا تحاسبها على ظلمها فإني به راض).

شخص بصري اليوم حين التقيتك صدفة، وظللت مأخوذا صامتا إلى أن وصلت منزلي، ثم انخرطت في نشيج عميق، يرتجف جسمي كما الطير الذبيح، وتتقطع أنفاسي الطفلة، وأحس نقصا كبيرا في كل شيء.

إلى أن جاء طيف السيدة المهيبة من العالم الآخر.. لمس الطيف قلبي بيديه فأحسست برودة وسلاما..برودة وسلاما..برودة وسلاما.

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

مصادرة سلاح التلميذ..وحكاية بنت الشيخ كشك


(-مش قبضوا على بنت الشيخ كشك اللي في خامسة ابتدائي؟

-ليه؟

-لقوا في شنطتها سلاح؟

-سلاح إيه؟

-سلاح التلميذ)

نكتة ذائعة في بداية التسعينات

***

أجواء مطاردة الكتب الخارجية التي نعايشها مع الوزير المحارب أحمد زكي بدر، تذكرني بالمطاردات التاريخية التي خاضتها الكنيسة في العصور الوسطى ضد بعض الكتب بتهمة "الهرطقة".

تبدو المعركة "لذيذة جدا" من منظور زكي بدر، فالطفل بداخل الوزير بدر_وبكل منا طفل_ يستمتع بتقليد والده وزير الداخلية الراحل..(أنا همسك ولاد الوسخة دول..هات الواد الحشاش اللي هناك ده..وانت يا روح أمك جماعة إسلامية؟)..من منا لم يقلد أباه أو أمه في الطفولة؟

أتساءل: ماذا لو ضربتني نوبة حنين لسلاح التلميذ وذهبت للفجالة لشراء أي نسخة كي أسترجع معها ذكريات الطفولة؟

أتخيل: يخطفني بوكس من وسط شوارع القاهرة وأفقد الوعي بداخله وأفيق على سيجارة يطفئها أحدهم في عنقي.

أعترف: أنا أحمد الدريني...الموساد الإسرائيلي جندني في 2007..باعترف إن نسخة سلاح التلميذ اللي معايا أمدني بيها مسئولي في الموساد يائيلي شاؤول.

***

أجواء حملة المداهمات غير متناسبة تماما مع حقيقة الأمور، فالأهرام تنشر اليوم في صفحتها الأولى خبر "إحباط" قوات الأمن توزيع 28 ألف نسخة كتاب خارجي، في تقرير تبدو لغته الأمنية زاعقة بصورة كوميدية، لا تتناسب مع المضبوطات.( ينقص الخبر إضافة صفة "الباسلة" إلى قوات الأمن)

أتخيل رعب أسرة على مصير ابنها في الصف الخامس الابتدائي لأن سلاح التلميذ ليس هناك، أو لأن الأضواء غير متوفر بالأسواق، وأنتظر تدخلا رئاسيا حاسما :" الرئيس مبارك:.لا مساس بسلاح التلميذ ونهتم بتطوير العملية التعليمية منذ سنوات).

للاستزادة يرجى مراجعة "مثالي".

السبت، 25 سبتمبر 2010

التنظيم السري لإبهاجي


حين أشتري قميصا جديدا..أفكر

هذا القميص قبل ثلاثة أشهر، مثلا، كان عبارة عن مجرد خيوط ، لكن هذه الخيوط في عرف القدر تخصني أنا وستؤول إلي يوما..

وحين كان أحدهم ينسج هذا القميص، ربما كنت نائما، أو منهمكا في عمل ما، بينما آخر لا أعرف عنه شيئا يصنع هذا الشيء الذي سيخصني مستقبلا..

وحين أعمل في صحيفة ما، أقول: حين نشأت قبل سنوات، لم أكن أعرف ساعتها أنني سأعمل بها، بالأحرى كنت طفلا صغيرا ألعب الكرة أمام منزلنا.

لكن في اللوح المحفوظ، كانت صحيفة كاملة يتم إنشاؤها كي أعمل بها مستقبلا..(ويعمل على هامشي آخرون).

أفكر في الزهرة التي أتشممها في تلك الحديقة العامة من آن لآخر..

أقول حين كانت برعما، كان مكتوب في الملأ الأعلى أن رحيقها لي..

أرتدي حذائي المصنوع بأيد فيتنامية، وأتأمل: لقد كان عامل فيتنامي منهمك في صنع هذا الحذاء بينما كنت أشاهد فيلما ما ولا أدرك أن في تلك اللحظة أن هناك شخص في أقصى الأرض ينجز شيئا من أجلي..

أستعرض كل هذه الأفكار وتجلياتها المختلفة فيطرأ علي سؤال منطقي جدا:

ياترى ما الذي يعده أحدهم لي الآن..دون أن أدري أو يدري هو بالأحرى!

السبت، 18 سبتمبر 2010

أمثالك

أمثالك نعرفهم لكي نحكي لأبنائنا عنهم..ونقول لهم: هناك أشرار في العالم الخارجي يا صغار.

كما أنه بسببك، تكثر أمهاتنا وجداتنا الدعاء: يكفيك ربنا شر ولاد الحرام يا ولدي.

أنت وأمثالك تضبطون إيقاع الخطوط الدرامية للروايات والقصص القصيرة التي نكتبها..

فلا يمكن كتابة رواية حول أشخاص جيدين فحسب..

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

عن الولد الذي يضع صورة كريستيانو رونالدو ك"بروفايل"


الولد الصغير الذي يراسلني على فيسبوك

عمره 12 سنة لا أكثر

يضع صورة كريستيانو رونالدو ك"بروفايل"

ويغضب جدا لكل عدوان اسرائيلي ..

أو "صلافة غربية"

ولديه الكثير من القضايا الكونية التي يود إشراكي إياه فيها

يريد أن يحسم كل شيء

وأن أساعده في هذا الحسم

لأني بنظره "مثل أعلى" وشخص يلم بكل ما يقع بين السماء والأرض

كما أنني_بنظره_ أعرف سرا ما للتفوق

وهو يريد أن ألقنه هذا السر على نحو صوفي يليق بشيخ ومريد

يرسل أسئلته من وقت لآخر:

1-كيف أكون انسانا جيدا؟

2-كيف يمكن أن نواجه إسرائيل؟

3-ما هي الكتب التي تقرؤها؟

4-كيف أصبح مثقفا؟

5-كيف أتعامل مع أمي التي .........؟

هي أسئلة تحتاج لنبي مرسل أو عارف بالله، وليس مجرد صديق على فيسبوك..

لكنني لو قلت له الإجابة التي يمليها علي ضميري..لن يرتاح..

أكتب له شرحا مطولا كيف يمكن أن يكون إنسانا جيدا

وأنقل له قائمة من الكتب التي يمكن أن يقرؤها وتفيده في مثل هذه السن

وأجاوب على كل أسئلته بتفان مطلق

أحتفظ بهذه الإجابات في فايل ورد على ديسك توب جهازي

أنسخها وأرسلها لثلاثة آخرين في مثل سنه يتواصلون معي على نفس النحو

أود أن أصارحهم:

أنا لم أكن متفانيا في مذاكرة دروسي..

ولا تصدقوا كل ما تسمعوه مني على تيت راديو

الحياة ليست مجرد أيتمات نصفي من خلالها حسابتنا الشخصية ونروج عبرها قناعاتنا المخالفة للإجماع العام...

أحبهم جدا وأحب صورة كريستيانو رونالدو على البروفايل

أحس فيهم نقائي الأول..وأرى وجهي صغيرا صافيا من علامات العمر

وأقول إنهم حين يكبرون قليلا..وتتشكل قناعاتهم العامة في الحياة

سيعذرونني وسيتفهمون إجاباتي عليهم

لأنهم ربما يحتفظون بها في فايل ورد على الديسك توب

كي يرسلونها لأصدقاء صغار (في حوالي الثانية عشر)

سيضيفونهم مستقبلا

ويضعون صورة لاعب كرة كبروفايل على فيسبوك

ويتساءلون:

كيف يمكن أن أكون انسانا جيدا؟

الأحد، 15 أغسطس 2010

مسلسل الجماعة..سيرة ذاتية لملائكة لاظوغلي


في فيلم طيور الظلام الذي كتبه وحيد حامد، يفتتح المحامي رياضي الخولي مكتبه بحضرة صوفية، ورغم أن الخولي كان محاميا إخوانيا في الفيلم إلا أن السياق العام كان يشي أنه جزء من تنظيم جهادي، أو فلنقل جزءا من تنظيم يؤمن بضرورة العمل المسلح.

لن أخوض كثيرا في طبيعة تنظيم الإخوان ولا نواياه، لكن الفارق الحركي والعقيدي بين الإخوان والجهاد جد واسع، ولو على مستوى شكلانية التخريجة الفقهية التي يؤمن بها كل فريق من الفريقين تجاه قضية الجهاد.

الإخواني لا يفتتح مكتبه بحضرة صوفية، ولا الجهادي يفعل ذلك، الأمر ربما يبدو بنظر الإخواني بعيدا عن روح الإسلام، بينما سيتعبره الجهادي بدعة وضلالة.

قس على ذلك كثيرا في اعمال وحيد حامد، فالكل بنظره مجرد "إسلاميون" أو باشتقاق أكثر إمعانا في الإهانة " إسلامويون"، يهدفون إلى إقامة شرع الله.

شرع الله لدى حامد = إقامة الحدود+نشر الجهل+فرض السيطرة العمياء لمن يدعوهم "أمراء الجماعة".

يردد الصحفيون الإخوان جملة ظريفة :" أكل العيش يحب شتيمة الإخوان"، وهي جملة ترمي لفصائل المأجورين والمنافقين الذين يشتمون الإخوان ليلا ونهارا سواء من مدعي العلمانية أو من مدعي الإسلاموية على حد سواء.

الإخوان بطبعهم معطى نقدي دسم لأي ناقد متواضع المهارات، ومشاكلهم وتناقضاتهم أكبر من أن تظل حبيسة لجدران الجماعة، لكنهم وسعوا نطاق المعركة لتصبح "شتيمة الإخوان" والتي هي "أكل عيش" منسحبة على خصومهم الفكريين (يسار/ليبراليون/قوميون/فصائل إسلامية أخرى) وهو تعميم مجاف لحقيقة الأمور، وتطرف إخواني وانعدام نزاهة أخلاقية في عرض الأمور.

أنا شخصيا لا أطيق الإخوان لا جماعة ولا أفراد، لكن كان سؤالا ملحا يشغلني كثيرا، لماذا هناك الكثير من الأشخاص الجيدين الذين قابلناهم كانوا إخوانا في فترة ما من فترات حياتهم؟

أعرف العديد من الاشخاص المهذبين الناجحين كانوا لفترة ما من حياتهم من الكوادر التنظيمية بجماعة الإخوان، إلا أنهم تركوها بكامل رغبتهم، وقرروا أن يعيشوا حياتهم وفقا للنموذج الذي أبدعه كل منهم بعيدا عن "ستايل بوك" الجماعة.

بالحوار معهم يمكن استنتاج أن الجماعة تبطط أحلامك، وتقولب خيالك وتفرض عليك سقفا من العمل السياسي ومن الطموح الدنيوي، ينافي الطبيعة البشرية ذاتها، وهو ما يتفاخر به يعاقبة الإخوان تحت مسمى "الانضباط التنظيمي".

الغباء الإنساني والميوعة السياسية اللذان تدير بهما الجماعة نفسها، يبدوان لي مجافيان لروح وعقل الإمام البنا نفسه، ولا أعتقد أن رجل الأعمال الإخواني الذي يستبيح أكل حقوق عماله ينتمي لمنهاج هذا الرجل بحال من الأحوال.

سيرة حسن البنا تبدو لقارئها شفافة رقيقة ذكية، يبدو هدف البنا فيها للأسف أعمق وأكثر تعقيدا من أن يدركه أصحابه. وأوقن أن البنا كان سيطور نفسه كثيرا وكان سيراجع من أموره الكثير والكثير.

وبالعودة لوحيد حامد ومسلسل الجماعة فإن الصورة تتضح أكثر، يمعن وحيد حامد في استكمال مسيرة "أكل العيش" لكنها هذه المرة أسخف من كل مرة، فالحوار يبدو تفريغا للتقارير اليومية التي تنشرها الصحف المصرية المستقلة عن الإخوان، واللغة جافة جدا، ومنطق سير الأحداث كارتوني بعض الشيء. (يخطفون ضابط أمن دولة ويعذبونه؟ غنًي يا وحيد)

وحيد حامد صنايعي كتابة وسيناريست محترف (لم أقل أنه موهوب) لكن رهافة الصنعة تخونه وأبجديات المنطق تخذله ، ففي أحد المشاهد يدير ضابط أمن الدولة حوارا مع كادر إخواني يبدو أقرب لبرامج التوك شو منه للواقع.

#-ضابط أمن الدولة المثقف هو رابع العنقاء والغولة والخل الوفي، فلا تقنعني أن هناك قياديا في أمن الدولة يدير حوارا مع الإخوان يقول فيه أنه مسلم ويؤمن بالدولة المدنية والعمل تحت مظلتها، ويبدو على وشك الاستدلال بجان جاك رسو في هذه المناظرة اللطيفة المقامة في لاظوغلي.

معذور وحيد حامد فهذا أكل عيشه، لكن الإخوان ليسوا معذورين.

هامش: لماذا أحس أن حسن البنا كان الإخواني الأول والأخير؟

الأحد، 8 أغسطس 2010

عد يا لص الشرابات البيضاء


سافرت أنت، فنظمت أنا الغرفة ووضعت كل شيء في مكانه. ارتديت ملابسي المفضلة وتعطرت وانتظرت السعادة الكاملة كي تحل علي مرة واحدة.

لم تبرق السماء ولم تتبدل الألوان ولم يحدث أي شيء بصورة مباغتة، كل ما هنالك هو أنك لم تعد هنا.

عشوائيتك وملابسك الملقاة في كل جنب، أوراقك المتناثرة ونقودك المبعثرة وأغراضك المزعجة..كل هذا لم يعد موجودا، لم أعدا مضطرا لمشاركتك نزواتك الموسيقية السخيفة ، اليوم موسيقى صيني وغدا تركي وبعد غد كلاسيكيات أمريكية وبعد بعده أغان خليجية.

كنت أنتظر انشغالك بأي شيء كي أسحب مؤشر الريل بلايرمن الدقيقة 3 إلى الدقيقة 26 كي تنتهي هذه الأغنية المقززة أو تلك المقطوعة البائسة سريعا..لكنك كنت تلحظها كل مرة، وأنت الذي لا يلحظ من الدنيا شيئا حتى ولو تبدلت الأرض غير الأرض.

لا يوجد لفوضاك البشعة أي أثر، لكن السعادة هي الأخرى لم تحل كما كنت أمنًي نفسي، هل أخذتها معك وأنت راحل أيها الشرير؟

كيف أضحى المكان واسعا خاليا موحشا إلى هذا الحد؟ ما الذي اختسلته منه وأنت راحل؟ هل استنشقت رحيق سعادته وأنا نائم؟ قل لي ما فعلت أيها اللص.

كنت تفرغ من صلاتك الليلية وأقول لك يوميا: صلاتك تشبه صلاة ابن سلول بالضبط!

الآن أعترف لك..هي أخشع وأصدق ما رأيت من صلاة، يكفي انك كنت تصلي مبتسما وتناجي من لا أرى كأنك ترى. (والله إنك لترى وإني لأعلم أنك ترى مهما خبأت).

هل تعلم أني أتناول العشاء بمفردي؟ وأن شراباتي البيضاء لم تعد تختفي بدون سبب؟

(سبحان الله يا أخي كل شراباتي بيضا وكل شراباتك يا إما سودا يا كحلي يا رصاصي..إزاي تتلخبط وتقولي مخدتش بالك وإنت بتلبس شرابي؟ اعملها تاني وأنا أرميك م البلكونة)

لا تفزع حين العودة، فقد فقدت ثلاثة كيلوجرامات منذ سافرت قبل أقل من خمسة أيام، فلم أعد أخطف الطعام من أحد ولم يعد أحد يخطف مني الطعام.

تخيل أن البطيخ الذي كنا نتنازعه ضاحكين، لازال مكانه مذ سافرت!

انظر..سأعقد معك اتفاقا..

عد، وارتدي شراباتي البيضاء ولنسمع سويا الموسيقى الصينية البشعة، ولننثر أغراضك في الغرفة، ولنحلق بنفس ماكينة الحلاقة..

ولتذهب السعادة إلى الجحيم..

السبت، 24 يوليو 2010

دنجل والفرنسية


يتصل بي ليسألني: هل تعتقد من الأفضل أن أشتري عدة بخطين، أم خطين وعدتين؟
لا رهافته تخونه ولا فطنتي تخذلني..هو يريد أن يتحدث معي لا أكثر.
يعتقد أن هذا سيرفع من معنوياتي وسيجعلني أسعد.
أشفق أن أجفوه الرد..أتماهى في اللعبة..وبعد ربع ساعة من التماهي الزائف، نجد أنفسنا أمام مشكلة كبيرة فعلا: أيهما أصلح؟ عدة بخطين ولا خطين وعدتين؟
نصمت لوهلة..وننفجر في الضحك.
......................

ظللت سنوات أدعي ضعف السمع..تجنبا لأكبر مساحة ممكنة للتواصل مع الآخرين
الآن..الحمد لله..أكاد لا أسمع شيئا
...............
تقف الجميلة الفرنسية جواري داخل تلك المكتبة الكبيرة
وقد قرر كلانا أننا سنتواصل رغم أنف أي عوائق لسانية سخيفة
أتناول ورقة وأكتب عليها 1798..فتفهم المغزى وتضحك
تكتب لي تحتها 2010
أطوق ال2010 بقوسين وعلامة ذات مغزى:
)
فتكتب أمامها علامة "صح"
أثمن الذكاء الفرنسي..
.......
تشير الدراسة إلى أن الاستماع لسوناتا (كيه إيت إيت فور) لموتسارت يرفع نسبة الذكاء (ذكاء التصرف في العالم ثلاثي الأبعاد)..
سمعتها كثيرا
ولازلت أنظر للسماء حين يقولون لي : بص العصفورة
......

كان يخبيء الإضاءة التي تنبعث من أسنانه ليلا
ولا يمشي على الماء أمام الناس علانية
كما كان يجتهد في افتعال الأسباب كي يلمس فلانا أو فلانة
كي يشفى سقما في القلب، أو داء عضالا في الكبد
وقبل النوم يقرأ ميكي وبطوط..ويضحك من قلبه على دنجل


الاثنين، 19 يوليو 2010

شهادتي أمام محكمة شمال الجيزة..والله العظيم مبيقولوش الحق


توجهت صباح اليوم لمحكمة شمال الجيزة للإدلاء بشهادتي بشأن "طبيعة" عمل الأستاذ خالد البلشي في جريدة الدستور في الفترة من مارس 2005 إلى يوليو 2006.

شرحت أنا والزميل أحمد سمير حقيقة أن خالد البلشي عمل في هذه الفترة مساعدا لرئيس تحرير الدستور "إبراهيم عيسى"، ولم يكن مجرد متعاملا بالقطعة مع المكان وفقا لمذكرة الدستور (عصام اسماعيل فهمي وابراهيم عيسى) التي تنفي عنه القيام بأي دور تحريري أو إداري، وتجرده من كل مجهود مادي ومعنوي بذله من أجل الدستور على مدار عام ونصف.

التشكيك الذي تطرحه مذكرة فريق الاستاذ عيسى، يدهشني ويروعني.

إنهم ببساطة وبدون مواربة لفظية أو أخلاقية.."يكذبون"!

دعك من أن نفي صفة "طبيعة" العمل عن البلشي، سيوفر على الدستور (فهمي/عيسى) مبلغا معقولا من مجمل التعويض المفترض في قضية الفصل التعسفي لخالد.

لكن ما يشغلني _حد الإنهاك_ هو جرأة الكذب ووقاحة مخالفة الضمير وجسارة نفي ما يدركه الآخرون_كل الآخرين!

حين أقسمت اليمين أمام القاضي، ارتجفت ذراتي، ونسيت كل علاقتي بخالد، ولم أتذكر إلا مسئوليتي الأخلاقية في الإدلاء بأقوال صحيحة.(للصدفة العابرة كنت صائما اليوم).

قلت ما يمليه علي ضميري وتطرقت لطبيعة عمل خالد، والتي أقولها الآن واثقا، أنها طبيعة عمل تتداخل مع عمل "رئيس التحرير" نفسه، أكثر منها قابعة في خانة "مساعد رئيس التحرير".

فقد كان انشغال عيسى برئاسة تحرير الدستور وصوت الامة وبتقديم برامجه التلفزيونية، يحجبه أغلب أيام الأسبوع عن الحضور للدستور، ولم يكن يقوم بالعبء غير خالد بمفرده..(بضع مساعدات هنا وبضع مساعدات هناك من أفراد بعينهم).

شهد شاهد ينتمي لائتلاف (عيسى/فهمي) بأن خالد كان مجرد شاب متعاون يتعامل بالقطعة مع "الدستور"، وأن وضع اسمه على ترويسة الدستور شاغلا منصب مساعد رئيس التحرير كان مجرد تشجيعا ومجاملة من الاستاذ ابراهيم عيسى. (حمرا).

......

ما الذي في يدك يا أمي؟

اسمها السكين يا بنتي.

ماذا نفعل بها يا أمي؟

نقطع اللحم يا بنتي.

ما هو اللحم يا أمي؟

بقرة مذبوحة يا بنتي.

لماذا يذبحونها يا أمي؟

لكي يأكلوها يا بنتي.

ولماذا نأكل يا أمي؟

لنستمر في الحياة يا بنتي.

وما هي الحياة يا أمي؟

شيء عكس الموت يا بنتي.

وما هو الموت يا أمي؟

شخص ذبح شخصًا يا بنتي.

ولماذا ذبحه يا أمي؟

ليأكل نصيبه يا بنتي.

لمَ لا يأكل معه يا أمي؟

خذي قطتك و العبي يا بنتي

عماد أبو صالح (قبور واسعة)

.......

طوال اليوم أحس بالفجيعة، تختنق عبرتي، ولا تكتمل في ذهني فكرة واحدة.."إنهم يكذبون"!

عدت من المحكمة مكسور الداخل، تفهمت _دفعة واحدة_ كيف قتل قابيل هابيل، ولماذا هرب ممدوح اسماعيل، ولماذا كانوا يعذبون أبي في المعتقل..لقد تفهمت الشر كله اليوم.

هذا اليوم حزين جدا.

السبت، 17 يوليو 2010

الشيوعي المسن..ارتعاشة اليد الثورية


الرجل الشيوعي المسن مايزال يدخن بشراهة..

ترتعش يداه ارتعاشة خفيفة (يطلقون عليها أثر السن، ويعتقد بعض شهود العيان أنها نتيجة طبيعية_على المدى البعيد_ لسنوات الاعتقال والتعذيب)

يتحدث معي بحماسة ثوري سابق..عن حتمية حل سلمي

يتكلم كثيرا عن التوافق والتراضي وإيجاد أرضية مشتركة

يقول لي: لا تخرج على السلطان

يفلت التعبير منه رغما عنه، وآه لو سمعه خصومه التقليديين من مبتدعة أن السلطان ظل الله في الأرض

يشدد: كن مستقلا..مستقلا جدا

لكنه هو شخصيا إن كان مستقلا..فبالطبع ليس"جدا".

يبدو لي قد أدرك قانون اللعبة

بعكس شيوعي آخر

مسن أيضا..لكن لثروته أثر بالغ في أن يبدو في السن صغيرا "جدا"..

يحكي لي عن حتمية توزيع عادل..

ينفث دخان سيجاره (يكفي ثمنه لإطعام عائلة من تلك التي يريد أن يدرجها في نظام العدالة الشاملة)

يقول لي: لا تقبل ولا تفاوض

بينما يتلقى من سكرتيرته الفرنسية تقريرا عن حركة أسهم شركاته بالبورصة

أشكره على نصائحه النابضة النبرة

وأبدي إعجابي ببذلته البيضاء الفاخرة..وياقتها الأكثر بياضا على عنقه الغض المرفه

لابد أنه سيحطم الأرقام القياسية..لو وضعوه على ميكنة "قياس النقاء الثوري"..هو نقيُ جدا

يهديني الأول مكتبته..ويقول الثاني قبل مغادرتي المكتب: أشوفك في الماريوت عشان نشرب شاي سوا

الاثنين، 12 يوليو 2010

كسل دودي ودوافع الرحة والفعل



لا يجافي الوصف النظري لي ب"الكسول" حقيقة الأمور، في حين يتعذر عمليا نعتي ب "النشيط".

أنا لا أقوم بأي فعل بصورة عادية، إما أن أتفانى فيه كلية، أو أزهد فيه كلية..لا أتحرك إلا تحت "دافع" وانطلاقا من رغبة ملحة وإيمان عميق واعتقاد مكتمل الأركان بما سأفعله.

أن أتناول قطعة حلوى هي مسألة مبدأ وأمر يرتبط_جدليا_ بحركة الكون نفسه..تناولها له مغزى وتركها له مبرر.

أقوم فأقوم جميعا، يهب كل الكامنين بداخلي، وأرى كل الذين أختزنهم نفسيا وروحيا يتحركون كفريق واحد نحو ال"هدف ما" الذي قررت أن أنفذه.

لا أقرأ كل ما يقع تحت يدي، أستبعد أكثر مما أخوض، ولا أقبل كل فرص العمل المتاحة، أرفض أكثر مما أقبل، ولا آكل الطعام المتاح، أنتقي أكثر مما اضطر.

فقط ينبغي أن أؤمن بما سأفعل، حتى لو كنت موقنا بخطئه، فأنا لا أتحرك إلا بدافع يقيني نحو الشيء الذي أفعله (البركة فورا أو اللعنة فورا).

فقط أعطني الدافع وأنا مستعد لكنس شوارع القاهرة جميعا، أو انزعه مني وخذ أنت المجد(ما شئت منه) واتركني في غرفتي أفعل ما أشاء.

أنتقي ما أفعله بعناية، أحيانا كنت أذهب في الصباح الباكر قبل كل زملائي، كي أنظف مكتبي ومكاتب غرفة قسم التحقيقات بأكملها وأرتب الكراسي وأرش معطرات الجو، بينما أعاف طوال اليوم الاقتراب من كتابة خبر أو تقرير لا يبدو لي مقنعا وملحا بما يكفي.

تورطت في أسفار ومشاكل ومفاوضات لا ناقة لي فيها ولا جمل، فقط لأني مقتنع، وتركت أمورا تخصني جدا، لأنها لا تبدو لي على الدرجة الكافية من الإلحاح والأهمية.

وقفت بجوار المنصة التي ألقى عبرها رالف نادر أحد خطاباته الدعائية أثناء الانتخابات الأمريكية 2008 ولم ألح عليه كثيرا في إجراء حوار صحفي، بينما كنت ألهث وراء شاب أمريكي (طيب وأهبل) يصغرني سنا كي يحكي لي كيف يتعثر في مذاكرة اللغة العربية ولماذا أحب الكشري حين زار مصر ولماذا سأل القرضاوي حين التقاه عن رأيه في مشروب "باور هورس".

مستعد لتكسير جبل ونقله من مكانه وتعبئة صخوره في أجولة وتذويبها في الماء ثم تصنيعها طوبا، ثم طحن الطوب، ثم ذرو رماده في الرياح..فقط لو اقتنعت.

ولن تجد بي فتورا أبدا.

أما المجد الذي يحاول (فلان) إقناعي به، ويبذل كافة الطرق كي أتقلده، فأنصحه بأن يضعه في كوب ماء وليشربه قبل النوم.

هنيئا يا مرعي.



السبت، 3 يوليو 2010

شرابي الذي لم يبتل..الصحفي والخطر


كان يشدد: يجب أن تجيد الاعتناء بنفسك، لا تفسد جهدك الصحفي كله لأجل سبب تافه، كأن يبتل شرابك فتصاب بدور برد قاتل!

رغم كل ما حاول تلقيني إياه هذا المدرب الصحفي العظيم الذي تربى في جنبات مؤسسة إعلامية بريطانية عتيدة، كانت تستوقفني نصائحه الطبية، وسط طوفان النصائح والخبرات التي اختار أن يدربني عليها، إذا ما ألقتني الأقدار يوما لتغطية حرب أو نزاع إقليمي أو ثورة أو حادث شغب كبير.

إذا اختطفوك( المتمردون أو قطاع الطرق أو ماشابه)، فاوضهم بهذه الطريقة، وإذا اختطفوا زميلك فاوض عنه وعنك بذلك الأسلوب.

فلتختر فندقا بالمواصفات الفلانية، ولتختر غرفة قريبة من السلم، ولتملأ البانيو ماء ولتبحث عن مشمع ولتكسر أقرب وأصغر جسم خشبي (بطريقة معينة شرحها لي بدقة هندسية مذهلة) ولترتب أولوياتك لحظة القصف بحيث تنجو بنفسك أولا ثم مادتك الصحفية ثانيا..ولا تنتبه بعدها لأية تذكارات أو نقاط ضعف عاطفية قد تودي بحياتك.

يشرح لي مستفيضا لماذا سأملأ البانيو وفيم سأستخدم المشمع ولماذا سأكسر أقرب جسم خشبي وكيف سأرشو رجل المهام القذرة بالفندق كي يدلني على طريقة هروب مثالية.

أترك كل هذه التفاصيل وأسأله، وماذا عن ابتلال الشراب؟

يقول لي نافد الصبر: ابتلال الشراب في منطقة استوائية كتلك التي ستتوجه إليها بعد قليل (كان ذلك منذ عامين) قد يودي بحياتك. لو لم ترش المادة الحامية من الحشرات ربما تلدغك بعوضة تعصف بذاكرتك نفسها، ، لو لم تصطحب أكثر من 30 غيارا داخليا ففرص إصابتك بالأمراض سترتفع للضعف.

يحضر لي قبل السفر دواء أنتينال المطهر للأمعاء، ويؤكد علي : لا تنس أقراص البانادول والضمادات الطبية والمناديل المبللة.

يمسك حقيبتي الصغيرة ويرص ملابسي فيها بصورة مدهشة، يقبل جبيني ويقول لي: أنا أثق بك فلا تخذلني!

أعود إليه ذات مرة من سفري وقد لدغتني بعوضة تورم لها وجهي، وأعود من سفرة أخرى وقد تناولت شريطي البانادول كاملين، ومرة أخرى وقد تحطمت أغراضي واحتجزتني الشرطة.

يقيم مجمل ما أنجزته من عمل: المواد المكتوبة والمسجلة والصور وملفات الفيديو، فيبتسم ويقول: لأجل هذا دربتك على الخطر!

أكشف عن شرابي الجاف وأقول له: لو أن هذا ابتل لم أكن لأقف بين يديك.

فيقول لي وقد تخلى عن كبريائه كمدرب وعاطفته كأخ: محدش بيموت ناقص عمر يا دودي.

أتذكر كلماته بعد نوبة التسمم اليوم وأقول لطيفه الماثل في ذهني: من لم يمت بالسيف مات بغيره..لكن دعني أصدقك القول.. أنا سعيد لأن شرابي لم يبتل.

الخميس، 1 يوليو 2010

لا أعتب عليك


كيف لي أن أعاتبك؟

أعيد مراجعة الخطاب العاصف الذي أرسلته إليك، فإذا بي_رغما عني_ قد صدرته قائلا:

حبيبي "........"!

اللاوعي يخونني في حبي لك يا أخي..

ألفاظي تخذلني وفضيحتي مستباحة في هواك..

أسوق إليك أسباب حزني وضيقي مما فعلت، لكن حبي لك يضعف من حجتي، وتتداعى أسبابي في لومك حيال هذا الحب المشكل..

___

ويقبح من سواك الفعل عندي..وتفعله فيحسن منك ذاكا

___

لا أخالك تخطيء أبدا..

أنت يا حبيبي تخطيء؟ وتفعل أشياء ليست في موضعها؟ أنا الذي أخطيء أما أنت فلا..