90s fm

الاثنين، 10 سبتمبر 2012

عسليولوجي..مقدمة في علم العسلية

اعلم يارعاك الله أن لاختيار عسليتك المفضلة أصول وضوابط تعاقدت على إبانتها الذائقة السليمة والفطرة السوية والنزوع الحميد.
هنا دليل عملي كيف تختار عسليتك :
أولا: هل تحبها بسمسم أم بدون سمسم؟ إذا كنت تحب الطراز السمسمي، فعليك باختيار نوع من اثنين، إما العسلية اللينة القوام، وهي التي تباع في أنفاق محطة مترو العتبة، وفي أول شارع الأزهر، وهذه تناسب من يعانون أوجاع الأسنان المؤقتة ذلك أنها غير مؤذية في القضم، كما لا تتسلل إلى نقاط تسوس الضروس (هذا في حالة آكل العسلية المخضرم الذي تسوست ضروسه كاملة).
 أو أن تختار النوع الأجود، إذا كنت تأكل العسلية كضابط مزاج وأمر مثير للبهجة وباعث على الوقار، وهو النوع الذي روعي فيه أن يكون أقرب للتحميص، مع غزارة وكفاءة في توزيع السمسم على جسم العسلية.
ويمكنك تمييز كل منهما بتحسس الكيس، وملكة التمييز ستنمو لديك تدريجيا، حتى تميز العسلية بمجرد النظر دون اللمس.
أما إذا كانت تفضلها بدون سمسم، فعليك مراعاة اختيار النوع الذي يبدو أقرب للبياض ويبدو كما لو كان منثورا عليه شيء يشبه الدقيق، لأنه يحفظ العسلية أن تسيح فتلتصق بالكيس البلاستيكي الذي يحفظها.
وفي هذه الحالة أوصي بعسلية العتبة (الميدان والمحطة)، وبعسلية الرجل الهاديء المطمئن الذي يرتدي جلبابا أبيض ويبتسم طوال اليوم ويجلس على ناصية شارع طلعت حرب ويبدو من أولياء الله الصالحين.
ثاينا: درجة التأثير المرجوة: هل تريد عسلية لأجل التسرية السريعة والمتعة المختلسة؟ اختر النوع اللين وعلسيات مقالي اللب الأنظف والأقل في قدرتها التأثيرية.
أما إذا كانت من متعاطي العسلية لدوافع ضبط الحالة المزاجية، فعليك بالبحث عن العسلية المصنعة من عسل مصانع نجع حمادي وبقية عسل قصب السكري الصعيدي، حيث تعمل درجة التكثيف العسلي الذي يراعى ضبط مقاديره في وحدات العسلية، على ضبط المزاج بصورة توازي احتساء فنجاني قهوة من الفصيل المركز جدا. ( ركز دوما في قراءة الملصقات الرخيصة في أكياس العسلية حيث تخبرك بتاريخ صناعتها ومكان صناعتها).
ثالثا: نطاقك السكني: هل تسكن في 6 أكتوبر أو العبور أو أي من المناطق التي تتتاخم نقاط صحراوية؟ عليك باختيار عسليات المقالي، لأن تغليفها أفضل، لأنه في حالتك الجغرافية مالم تكن العسلية مغلفة جيدا، ستجتذب أسراب لانهائية من النمل الفارسي المتوحش. لذا راعي الظروف البيئية لدى اختيار نوعك المفضل.
رابعا: هل تجلس بمفردك في حالة مزاجية سيئة؟ إذا عليك بكيس العسلية الشوارعي الرخيص الذي يباع لقاء 50 قرشا فقط.
تحسس السمسم أولا قبل وضع وحدة العسلية كاملة في فمك..امضغ العسلية بتلذذ واستمتاع، مص اصابعك من اثر السمسم، اثقب الكيس وتناول السمسم المتخلف عن العسلية في الكيس، لا تغسل فمك، اترك نفسك كالأهبل قليلا بينما يحيط السمسم فمك. ثم نم مكانك مستمتعا بسريان الأثر السكري للعسلية في بدنك، حاملا البهجة والسعادة وما لايمكن للكلمات أن تختزله أبدا.

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

دليل الحيران في الرد على ردود الإخوان

عزيزي عضو تنظيم الإخوان المسلمين..
إيماء إلى جملة أسئلتك وردودك المتكررة في كل المحافل الإلكترونية، والتي باتت محل تندر عام، أود أن أجيبك عنها في إطار علاقة المصارحة التي تفرضها علي علاقات: الجيرة والعشرة والجنسية (أنا مصري مش فلسطيني على فكرة).
أولا: ردا على سؤالك حول انتقادنا "بعض" تصرفات مرسي: "وكنتوا ساكتين ليه أيام مبارك؟".. يا عزيزي أيام مبارك كنا نهتف في التسعينات (يا مبارك يا جبان يا عميل الأمريكان) وكنتم تهتفون بأمر قياداتكم : (يا مبارك ليه تستنى وإنت معاك أحفاد البنا).
وفي 2008، كنا نقف معكم في نفس المظاهرات نهتف ضد تواطؤ مبارك على ضرب غزة (الحتة الغالية عليكم)، وكنت تسكتون تماما حين نتعرض له، وحين ننظر إليكم مندهشين متسائلين (سكتوا ليه؟) كنتم تقولوا : الإمام البنا نهى عن التجريح في الهيئات والأشخاص يا أخي!
ثانيا: ردا على سؤالك: لماذا تلتفتون إلى الجوانب السلبية في رئاسة مرسي؟ يا عزيزي نحن لسنا أولاد خالته. نحن مواطنون ونمارس سلطتنا الرقابية على الرئيس، وهي التجربة التي دشنت نفسها في نهايات حقبة مبارك على شبكة الانترنت بصورة أعنف بكثير مما يجري. فمازال الإيقاع العام هو تلمس الأعذار لمرسي وترقب خطواته، بشيء من العقلانية..لا احتفاء في غير موضعه، ولا مساندة بلا علة تنظيمية!
مرسي يدرك أكثر منك أن صدفة طائشة، تعاقدت عليها أقدرا إلهية، واستكمل إتمامها أصوات النكاية في شفيق، جاءت به إلى موقعه..الرجل يجتهد، دعه يجتهد ودعه يقيل عثرات نفسه بنفسه.
عزيزي انت بمفردك من تستعد للدفاع عن تحويل دفة الاقتصاد المصري للاعتماد على زراعة ثمار الحرنكش الكاروهات..أما أنا فمن حقي مناقشة "رئيس" مصر ومحاسبته في كل خطوة تمس هذا الوطن..حتى لو كانت هذه الخطوة هي اعتقال أفراد من جماعة الإخوان المسلمين!
ثالثا: تساؤلك الدائم حول سلوك حمدين صباحي وتصريحاته، وسخريتك من مجمل ما يقول ، لا يعكس سوى أنك ترى فيه المنافس والوريث الأقوى لنظام الإخوان ولمرسي شخصيا. فلا تعتقد أننا معه في كل ما يقول، ولا تعتقد أنه ليس محل نقد. فقط دع عنك "بعبع" أننا نتربص بكم وبالمشروع الإسلامي (لن أتكلم عن مشروع النهضة الآن وسأترفق بك وسأفصله عن المشروع الإسلامي مؤقتا). فنحن لسنا الهيئة العليا لحركة الكفار الجدد.ولا نجتمع في كهوف مظلمة كي نمزق المصاحف ونتباحث كيفية اسقاط حكم الإخوان المسلمين.
ملحوظة: لا تعتقد أن كل من هو ضدك هو "يساري"..هذا اختزال مخل بالعالم يا عزيزي، فهناك أشرار كثيرون يملأون هذه الدنيا بخلاف اليسار.

رابعا: جملتك الشهيرة السخيفة : "أنا مش إخوان بس"..كنت عضوا أو متعاطفا أو متولها في أسطورة الجيل القرآني الفريد، فإن هذا لن يضعك تحت طائلة مراقبة أمن الدولة..صدق يا عزيزي أن مبارك غار، وأن أخا لك في التنظيم يحكم الآن مصر..وكفى خوفا وولولة. إذا لم تكن إخوان، فلماذا تبدو أحمقا لهذا الحد في دفاعك غير المبرر؟ لماذا أنت مستعد لتبرير تطبيع العلاقات مع روسيا بوصف إن تلجها حلو وممكن نحطه في عصير القصب؟ ومستعد لتفهم زيارة مرسي للبرازيل عشان القهوة المتحوجة ترجع متحوجة زي زمان؟ ومستعد للتهليل لصفقة استيراد بطاريق من القطب الشمالي بوصفها أرخص من الفراخ البيضا؟ عزيزي شكلك أرعن للغاية..كف عن هذا واسترجل وقل أنا إخوان..وواجه العالم.
أنا أعرف أنك تتخيل أن الصحفيين مجرد مرتزقة مضللين، يتصيدون أنصاف التصريحات، ويزيغون بالمعاني بعيدا عن المرامي، ويجتزأون من السياق، ويطرحون أسئلة استشرافية مستفزة.
أنا أعرف أنك تكره جهاز التسجيل الصغير الذي يحمله الصحفيون، وتكره الكاميرا الديجيتال التي يرفعون  مقاطعها المصورة على يوتويب، وتكره حضورهم في ندواتكم. لكن حقيقة الأمر وطبائع الحياة، تقول أنكم كأي جماعة إنسانية "ستهلفطون كثيرا" وسيوثق الصحفيون هذه الهلفطة.
العالم فوضوي بأكثر مما تعتقدون، وربانية الدعوة أمر يعتمل في مخيلتكم فحسب، أما على أرض الواقع، فشيطانية النازع تتاخم الربانية المتخيلة، وتخالج النفوس، وأنت تحفظ يا أخي وتعرف أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق.
ولعمرك وعمر مرشدك وشاطرك أيها الأخ الكريم في "الجماعة" لا يوجد في مصر 10 صحفيين يمكنهم أن يقوموا بكل هذه المهارات البهلوانية ضد تنظيمك.

عزيزي عضو التنظيم، أنا لا أكرهك ولا أكره المشروع الإسلامي (وأنا الآن أنتظر أن تشرحه لي لأني لم أستوعب مشروع النهضة الذي يبدو كسراب بقيعة)..أنا صديقك العزيز الذي يصلي بجوارك العشاء في المسجد بعدما يعود منهكا من يوم عمل طويل..
الفارق بيني وبينك أنني لا أكون أفكاري بناء على تعميمات أسرتك في التنظيم.
ولا أعتقد أن المشروع الإسلامي، هو ما قال عنه خيرت الشاطر (جاء بمشاركة 1000 خبير) فأنا أقلق دوما من الأرقام الصحيحة! أنا فقط لا أعتقد أن خيرت الشاطر من المبشرين بالجنة، ولا أطمح أن يكون في النار.
فقط فليراقب استثماراته وسوبر ماركتاته، وسلسلة محال الملابس الشهيرة التي يقال أنها مملوكة له والتي تبيع للنساء ملابس لا توافق الشريعة الإسلامية!

الأحد، 2 سبتمبر 2012

لماذا قد يبدو المؤمن متعاليا؟ عن ذوبان الجدار بين النفسي والإيماني


دون تجاهل الخيط الرفيع الفاصل بين النفسي والإيماني، يلح السؤال-بقسوة:
  لماذا يبدو المتدينون واثقون بأنفسهم لهذا الحد؟

الإجابة مختمرة في ذهني نوعا ما، لكن إجلائها لفظيا، يبدو أمرا معقدا نوعا ما أيضا.

والنقطة التي أنطلق منها، ليس التشكيك ولا الذم في الإيماني وما يتبعه سلوكيا. بل التمعن في الجدار الواهي الذي يفصل بين قابلية الصفة الإيمانية للتحول إلى عرض نفسي.

أتحدث عن علاقة التمثل التي تحدث بين الأب وابنه والتلميذ ومدرسه والمرؤوس ومديره، وهي نقطة خطيرة ما لم ينتبه إليها المؤمن/السائر، يسبغ على نفسه من صفات مولاه..يصير رأيه صوابا مطلقا، ويتعامل بأبوية فوقية نوعا ما.
الإيمان مدهش..مدهش جدا.


بعد الوضوء دوما أحسني نقيا أكثر من أي مخلوق أرضي، بعد الصلاة دوما أحسني ممشوق القوام عريض الصدر أتنفس هواء نقيا، بعد قراءة القرآن أحسني أتكلم بلهجة تقطر كبرياء مغلفا، وتتسم بتوازن غريب. أحس أن الأرضي الصغير الضعيف، يتحول لإله صغير على مستوى الصفة البشرية.
ولابد أن هناك علاقة ما، تضفي على السلوك البيولوجي (صلاة ووضوءا وقراءة لكلام تعتقد مقدسا)، مسحة سيكولوجية بعينها. وهو ما أميل للتفرقة فيه بين الأثر كناتج عن التجلي الإلهي في الحالة الإيمانية، وبين الأثر كناتج نفسي لممارسة بيولوجية ذات طبائع معينة..أي أفرق بين التجلي النوراني، والاستلهام البشري لحالة بعينها واستنزالها وفق قانون صارم تقريبا (الصلاة=ثقة، مثلا).

هناك شيء ما وفق المتعارف عليه إيمانيا، يحل على المؤمن في ممارسته إيمانه، أو فلنقل في تماهيه مع إيمانه وذوبانه فيه، هناك بركات تحل، وسمت ما يتغشى المؤمن (النور والاطمئنان والفراسة والقوة والثقة) وهي معان أكدت عليها أحاديث نبوية شريفة، كلها تتجاذب المؤمن روحا وجسدا، حين يتماهى في إيمانه.
وسؤالي هنا، كيف يتنحى الحد الفاصل بين ربانية التجلي-وفق المنصوص الإيماني- ليفسح المجال أمام درجة من الاستعلاء النفسي؟

أعيد فكرتي مرة أخرى: أنا أنطلق من افتراض أن الطاعة والإيمان تضع لمسة ما على الإنسان، لمسة من عزة وشموخ وثقة واطمئنان..فكيف ب"الصفة" في (إيمانية) وعائها تستحيل إلى "سلوك" في (بشرية) ظهوره؟
كيف تتحول العزة-بالله- إلى "استعلاء" على خلق الله؟ كيف يثق السلفي-مثلا- أنه على الصواب وأن الباقين مجرد أطفال طائشين ضلوا في الطريق؟

وكيف يتحول إطمئنانك إلى جانب الله، إلى اعتبار أن الآخرين في خطر محدق، لأنهم فقط ليسوا على نفس طريقك ولم يمسسهم الاجتباء الإلهي الذي يحاديك؟
أرتد إلى المصطلح الصوفي هنا..


السائر..أو المؤمن المجتهد في الإيمانية والعبودية، كأنما يسير على خط بعينه في "الطريق إلى الله"..هذا السائر دوما ما تعتريه نكبات وعثرات في الطريق، وبمقدار ما يقطع من أشواط، سليم النية، بمقدار ما تكون درجته.
هنا، كيف يتحول السائر في نصف الطريق، ويحيد عن القصد الإلهي، فيصبح هو "الإله" إلا قليلا..
وكيف يستحيل رصيد التجلي الإلهي فيه، من نورانية وكشف واستقراء للأمور والحوادث والمستقبل، بغتة، إلى مجرد صفة أرضية كائنة فيه أصلا؟

كيف يعزو الفضل الإلهي فيه، إلى الصفة الأرضية في ذاته، فيصير متألها متعاليا؟
كيف يحيد في منتصف الطريق، فيتمثل إلهه نفسيا، ويعتقد-لاشعوريا- أنه معبر عنه بدرجة ما أونه متحدث رسمي باسم الله، وأنه تحت رعاية جلالة الملك! لكنه في الوقت ذاته ينشق وينفصل ويستقل عن جلالته!

كيف يصير ملكيا أكثر من الملك؟ وكيف يثور ويغضب لأجل حد إلهي منتهك، بينما الله نفسه-ربما- لا يقع الأمر عنده نفس الموقع( ففي العلم الإلهي ووفق الصورة التي رسمتها لنا الأحاديث والسير عن ذات الحق، لا يمكن الإحاطة ب"رد فعله" حيال الخاطيء العاصي، فربما يتوب عليه وربما يحبه وربما يخسف به، كل الاحتمالات قائمة )
هنا أسأل بوضوح: كيف يحيد المؤمن/السائر عن النور الإلهي، فيصير مجرد طفل أحمق، يمسك عصا مدرسه ويقلده في غيابه، دون أن يكون قد ألم بالدرس!