لم تمثل أختي الصغري أميرة نقطة توقف في حياتي علي الإطلاق،فدوما ما كنت أخوها غير المفضل..وبالمثل كانت هي.
افترقنا أكثر مما التقينا،اختلفنا أكثر مما اتفقنا،اصطدمنا أكثر مما التئمنا..كانت علاقتنا _عادة_ما تمضي علي مضض..وثمة شعور طاغ بيننا أننا ضدان ما اجتمعا إلا وكان لأحدهما الغلبة علي الآخر تنغيصا وتنكيدا وقهرا.
أصفها ب "الدنيوية" وتنعتني ب "الكئيب"..أراها تافهة صاخبة خاوية،وتراني معقدا غامضا ثقيل الحضور. وعلي الرغم من علاقتنا المتوترة بصفة تاريخية،إلا أن الأمر لم يخل من لحظات غامضة كنا نلتقي فيها علي تناقضنا،وكانت عاطفة "الأخوة" هي القوي و الأكثر سيطرة علي المشهد والأقدر علي توجيهه.
لحظات فارقة_حين كنا نستشعر الخطر علي أي منا_فنقترب من بعضنا بصورة غريزية،ونتفاهم بصورة أثيرية،ونخطط وندبر ونتحرك دون أن نحتاج لكلمات شفوية إرشادية..وكأن ثمة دائرة مغلقة بيننا.
كانت أميرة_وهي رغم كل اتهاماتي لها تظل انسانة فارقة وتحتوي جموحا جميلا يحلق بها بين سبع سماوات_كانت تتحول في لحظات إلي كيان ما قويّ بصورة لا ترد..حنون بصورة لا تنكر..ذكي بطريقة لايمكن أن تتجاهلها.
ورغم أن لحظات أخوتنا المشتركة يمكن عدها علي الأصابع،إلا أنها_بفعل الزمن_ومع تكاثرها،ومع قصر الفترات الفاصلة بين اللحظة واللحظة،أجد نفسي أمام واقع فرط مدهش.
كأن أميرة_نقيضتي_أضحت جزءا مني وأصبحت منبثقا عنها..كأن المنبع والمنبت واحد حقا،وكأن الدم الذي يسري بيننا_دم الأخوة_يثبت حضوره رغما عن سيرورة الزمن التي كنت أظنها تقتضي غير ذلك.
نظرة خاطفة علي منحنيات علاقتي بأميرة،تشي أن ثمة تغير بطيء يغير من طبيعة المنحني يوما عن يوم،يعزز نفسه بحيث يفاجأ كلانا _في لحظة مباغتة_ أننا أصبحنا إخوة فعلا..كأننا أصبحنا إخوة بالإلحاح والتحايل علي الأمر الواقع.
وكثيرا_في كل لحظات أخوتنا تقريبا_ ما كنت أقول لها أنت تذكريني بالصورة الكارتونية ل"الساحرة الشريرة"..وحينها_تحت سطوة الرغبة في الهزار_ تضحك أميرة ضحكة شيطانية وتمتطي مقشة البيت وتقول لي :سأنغص عليك حياتك!
أتأمل ما آلت إليه أحوالنا مندهشا،واضطر لتصديق حقيقة دامغة،ليس بوسعي تسميتها أو بلورة الألفاظ الدالة عليها..لكنها تظل جميلة كأميرة..حنونة كأميرة.. تافهة صاخبة خاوية كأميرة أيضا .
ملحوظة:لو أنك يا أميرة قرأت هذه التدوينة يوما ما عن طريق الصدفة،أود أن أقول لك : نيهاهاهاهاها..طوبي للذي يهادون أخواتهم بدمي الساحرات الشريرات.