فاصل أول:
قبل عامين تقريبا، التقيت جولدا..
صغيرة هشة تبلغ من العمر عشرا..
كانت تبكي أمام إحدى محطات المترو بكاءا هادئا، ينساب على وجنتها السوداء رقراقا..يوخز الضمير بلا صخب..
طفلة إفريقية الملامح لا تستدل لها على وطن بعينه..بجعبتك حقيقة واحدة فقط: جولدا تبكي.
سألتها ما اسمك؟ قالت :جولدا..فقلت تعرف العربية..
من أين يا جولدا؟ "من الجنوب".
قالت "الجنوب" فحسب..
لم تقل "السودان" أو حتى "جنوب السودان" ..فكان لي أن تخيلت رحلتها الكاملة هي وأسرتها البائسة حتى وصلت القاهرة واستقرت فيها..وكان أن استشرفت مستقبل السودان من كلمتها المقتضبة الدالة.."من الجنوب"
كانت ترتدي زيا مدرسيا بريئا يخاطب مشاعرك كلها دفعة واحدة..
جولدا تبكي..
لماذا تبكين؟ ضاعت نقودي..ليس معي ثمن تذكرة المترو..
أخذتها من يديها وقطعت لها تذكرة ووضعتها على رصيف القطار الذي ستستقله إلى أمها..
فاصل ثاني:
على مدار شهر أرتبك وأحس حزنا عميقا..برموهات الفضائيات الإخبارية حول "مصير السودان" تثير اضطرابي..
أتذكر أيامي في العاصمة الخرطوم، جولاتي في أسواق أم درمان، أصدقائي في الشمال، معارفي من الجنوب، يومياتي وطرائفي وتدويناتي ..هوامشي التي سجلتها أيام كنت هناك..وأحس أني أفقد شيئا ما إلى الأبد.
أصارح إبراهيم الجارحي (كان قد قضى عامين في السودان) فإذاه يعاني نفس الأعراض: ألم عميق وتوتر مكتوم إزاء ذات البروموهات..
نتسامر ونسترجع ذكرياتنا المشتركة_كل على حدة_ مع ذات الأماكن وذات الأشخاص..التجربة متشابهة..لذا_ربما_ كان الألم متماثلا
***
يقول لي خبير الحركات الإسلامية الصديق حسام تمام قبل عام ونصف"الإسلاميون يفضلون معزة ملك.. على جمل شرك"..سينفصل السودان.
***
أجدني لا شعوريا أجري مكالمات هاتفية مع أصدقائي في السودان كي أطمئن عليهم..وتساورني رغبة في السؤال: هل يعرف أحدكم بنتا صغيرة تدعى جولدا؟
هناك 4 تعليقات:
عن جولدا التي يبدو أنها ضاعت للأبد..
عندي سؤال .. ليش دايما بنشعر بالحزن والألم لما يصيب غيرنا من الأشقاء العرب ، وكأن فلسطين وليس السودان هي التي سوف تقسم إلى شمال وجنوب ،، نفرح لما حدث بتونس ونتخوف من القادم بعد الثورة ، نضع أيدينا على قلوبنا في انتظار ما سيحدث في مصر ،، نتألم لما يحدث في الجزائر والاردن ، نبكي على العراق وما آل إليه من فرقة وفتنة ،، ونتشائم من الوضع في لبنان ونقلق على الحريات في سوريا ،،، وهكذا نتنقل بمشاعرنا من دولة إلى أخرى ...
عندي إجابة ..
يمكن لانه لسه في قلوبنا قلوب تحن وتغفر .. ترحم وتستغفر ،، تبكي وتشفع ...
عندي أمل ...
في الله وثقة بأن الغد ربما يحمل لنا البشرى في كل شيء ...
يعني لازم يحصل في السودان اللى حصل علشان ترجع تكتب تاني؟؟
للسودان رب يحميه ، و لبلادنا العربية التى ضيعناها رب يحميها منا قبل الأعداء
شكرا شكرا شكرا
شكرا
زفات
موقع زفات
زفات راشد الماجد
زفات حسين الجسمي
اغاني زفات
زفات محمد عبده
زفات اسلاميه
إرسال تعليق