90s fm

الاثنين، 4 أبريل 2011

فتنة المنصة


وقفت اليوم حيث أيقنت يوما ما أني سأقف.. أحاضر في جامعتي، في نفس المدرجات التي طالما شردت فيها أثناء دراستي، لأتخيل اليوم الذي سأعتلي فيه المنصة ، بينما يذهب المملون الذين يدرسون لي_حينها_ إلى أقرب مركز تعليم تريكو.

مبكرا كنت أحس أني منتصر تماما في كل الجدالات التي خضتها مع أولئك "المملين"، حتى لو لم يبد الأمر لهم ولا لزملائي كما أراه أنا ساعتها. فكرت كثيرا، قبل أن أقف محاضرا في فن/علم الصحافة ..

كيف سيكون الأمر؟ من المؤكد أن السماء سترعد مع بسملة البداية..ستبرق..ستهطل الأمطار..سيحدث شيء ما كوني إيذانا بتلك اللحظة..سيومض الماضي قبالة عيني بغتة فأرى كل شيء..سيحدث شيء ما فوق ما أتخيله..سيحدث..بالطبع سيحدث شيء كهذا..

كنت أتحسب للمشاعر التي ستنتابني أثناء المحاضرة الأولى أكثر مما كنت أتحسب للمادة العلمية التي سأقوم بمناقشتها مع الطلاب . لكن كل شيء جاء على غير ما توقعت، وقفت ثابتا_برأيي_ جامدا، أتحدث: عن كيف ينبغي أن نفكر كصحفيين، كأنما هي محاضرة ألقيها منذ عشرين سنة..

لم تبرق السماء ولم تمد الأرض..كل شيء كان منتظما دقيقا لأقصى مدى ممكن.. تمتد يداي لتتحسسان الأقلام الفلوماستر التي سأكتب بها على السبورة، بينما أكبح شيئا ما طفوليا يدفعني دفعا لأن أرسم على السبورة بدلا من أكتب عناصر وإشادات المحاضرة..أقول لنفسي: هذا هو القلم الذي طالما تمنيت أن ألعب به يوما ما.

أتفرس في الوجوه عن موهبة كامنة، عن شاب طموح، عن بنت ذكية..أحس مهمة ما على كاهلي أصعب من أن تحتملها جوارحي..أنوء بها وإن الجبال لتنوء بنصفها بددا..

الأمر يتحول لأمانة أمام الله ورسوله، أكثر منه مجرد "دردشات" صحفية، يظنها طلاب طيبون "الحكمة المقطرة"..أفهم في لمح البصر قول تلامذة الإمام مالك: جالسناه عشرين عاما..ثمانية عشر يعلما آداب العلم..واثنتين العلم.

أحسني مسئولا عن هذه الوجوه البريئات، عن هذه الأحلام الغضة التي تعتمل في نفوس "بعضهم"..وعلي استحياء عذراوي هش.

أتحرك في المدرج الصغير، كي تتحرك عيونهم معي..درءا للمل وللفتا للانتباه، أعلو بصوتي وأخفضه، أمازحهم وأنتقدهم..أود أن أجرهم جرا إلى عالم وسيع..أن أكسر القيود التي ترزح تحتها عقولهم..أن أحطم أصنامهم..أن أقول لهم انطلقوا واحلموا وفكروا..امزحوا وافرحوا..تعلموا هذه "الصحافة" وأنتم سعداء..لقد اخترتم مهنة مدهشة، ستظل تواليكم بمفاجآتها حتى النهاية..نهايتنا لا نهايتها..فهي ستظل..ستظل..ستظل.


أسترجع كل خبراتي، وأفتش في أوراقي القديمة: هذه ملاحظة دونتها خلف نك جوردون، وتلك قصاصة أحتفظ بها لسيمور هيرش، وهذه صور توثيقية التقطتها من داخل مقر واشنطن بوست.. هذه قصة ينبغي أن أخبرهم بها..وهذه خبرة اكتسبتها من سفرة السودان ينبغي أن أقصها عليهم..وهذه فكرة قرأتها في كتاب وأعتقد أنها ستدفعهم للأمام بضع خطوات..

أتحرك بينهم، لكن شيئا ما يستوقفني: هؤلاء الطلاب يشبهون زملاء دفعتي بالضبط..شبه شكلي ونفسي يكاد يكون متطابقا بصورة تدعو لتساؤلات أكثر من وجودية. هذه الفتاة متحمسة كفلانة التي كانت في دفعتي، وهذه رعناء كتلك، أما هذه فإنها طيبة كأنها زميلتي الطيبة..وهذا خجول مثلي..وهذا مفتقد للثقة في نفسه..وهذا لو ركز قليلا سيصير صحفيا ذكيا..كل واحد منهم يشبه واحدا من دفعتي على نحو كاربوني...

تقودني قدماي رغما عني للمكان الذي كنت أجلس فيه أيام كنت طالبا، في تلك البقعة.. تحديدا حين كنت أتمنى أن تقترب "إياها" صدفة كي تجلس هنا..كي أتغذى بالنظر إليها..عوضا عن خجلي المطبق الذي يحول بيني وبين التحدث إليها في هذه الأيام.


أستغني عن المايكروفون، يبح صوتي، أحسني كما لو كنت في مشاجرة عنيفة دامت ساعتين، لا في محاضرة عملية عن الصحافة..حين أحس شيئا منتعشا في أرواح "الأولاد"..أقول بيني وبين نفسي: هي الأمانة..وهم يتلقفونها..وليغفر الله لنا فيما قصرنا.

هناك 5 تعليقات:

الحلم العربي يقول...

مبروك :)
و شد حيلك ، إنها لأمانة و أنت أهل لها إن شاء الله

Emtiaz Zourob يقول...

بالتوفيق ان شاء الله .. مافي اروع من النجاح ومحاولات الوصول للقمة ..
بس دير بالك على الطلبة والطالبات وراعيهم في العلامات وسهل عليهم المادة والامتحانات ..

تقبل مروري وتحيتي.

غير معرف يقول...

السلام عليكم
قمت مع مجموعة من الأصدقاء بإنشاء عدد من المدونات ، ووضعنا بها إعلانات جوجل أدسنس، وبالفعل نحقق دخلا مش بطال
فعلى جميع الأخوة الكرام سواء عنده مدونة أو لم ينشئ مدونة بعد، وكانت له رغبة في الاشتراك معنا في هذا العمل، برجاء مراسلتي على الإيميل niletrader@gmail.com
والله الموضوع مثمر، وبالفعل وصلتنا دولارات من أدسنس ، فالموضوع ليس وهمًا
برجاء نشر هذا الموضوع لتعم الفائدة
مع تحياتي
Hello
We are a group of Egyptian guys who established some blogs where we added Google Adsense codes so we make some money on monthly basis, as a way of coming over our financial problems!!
if you would like to help us through allowing us adding the Adsense code to your blog and share the profits with you, pls contact us niletrader@gmail.com
Yours
Ash

محمد على الدين يقول...

والله لإنها الأمانة وأني أراك جديرا بها .. اليوم أنا سعيد لأنى اراى صديقي يحاضر في نفس المكان الذى جلسنا فيه سويا كطلاب، وتزداد سعادتي لأن أخيرا من يستحق هذا المكان قدوقف فيه.

زفات يقول...

مبروووووووووووووووووك وبالتوفيق يا رب




شكرا شكرا شكرا



شكرا

زفات
موقع زفات
زفات راشد الماجد
زفات حسين الجسمي
اغاني زفات
زفات محمد عبده
زفات اسلاميه