90s fm

الأربعاء، 11 مايو 2011

رقصة فالس على هامش حفل زفاف



مفتتح: "أحيانا نضطر إلى النظر لأنفسنا كثدييات، مجرد ثدييات، كي نفهم ما يجري".

يلفتني في الأفراح دوما، هذا "التمحك" المتعمد الذي تنتهجه صديقاتنا..يجئن إلى جوارنا، يوددن لو اقتربن أكثر..هن صديقات قريبات، يقع معظمهن في منزلة بين الصداقة والأخوة و"الحب المحتمل"..ونادرا ما يتحقق الاحتمال الأخير.

يتأبطن أذرعنا بموجب "تلكيكة" أو أخرى..أحيانا تدعونا بعضهن للمراقصة في ظل فوضى الفرح..وفي ظل انخراط معظم الحاضرين_من كل الأعمار_ في ثنائيات راقصة، تتحدد سرعتها وفقا لمقدار بدانة الطرفين، ومقدار حياء أحدهما، ودرجة القرابة من أحد العروسين.

"أحدثك عن هذه السيدة الخمسينية البدينة "صفية"..التي يراقصها زوجها "أستاذ مدحت" في محاكاة هزلية_تثير الضحك_ لرقصات الأزواج والمتحابين في الأفلام الأبيض وأسود".

أنا في الأفراح_شأن باقي المناسبات التي تقتضي وجود أكبر عدد ممكن من الكائنات الحية_ أقف كشاهد القبر..لا أتحرك من مكاني، أبدو جامدا صامتا، كأن الله قدني من صخر.

أتشاغل بأي شيء، كي أصادر الفرصة على أي من أقاربي أو أصدقائي، وعلى أي من قريباتي أو صديقاتي، من الاقتراب مني واستدراجي عنوة لأجواء الفرح.

"يقلن دوما أن شكلنا في البذلات عادة ما يكون أكثر جاذبية، لكني أرى الأمر على نحو آخر".

أعتقد أن أجواء الفرح بحد ذاتها، باعث للسعادة، ومثير للخيالات الوردية، ومحفز عالي الكفاءة للفتيات كي يتخيلن أنهن في مكان العروسة.

يجئن إلينا بوصفنا "ذكورا"..هن لا يقيمننا على نحو موضوعي في هذه الحالة، كلنا نبدو مهندمي الشكل، رائعي المظهر، وشركاء متخيلين في هذه اللعبة الطفولية التي يمارسنها طوعا_ بالتواطؤ المشروع مع اللاشعور_ بحيث تكتمل الثنائية المأمولة.."عريس وعروسة".

الزفاف لا يعني نفس الشيء لدى الجنسين..لكل منهما تداع غير الآخر..لكن من المؤكد أننا نفسد عليهن خيالا سلسا دفقا رائعا لأقصى مدى ممكن، حين نتحلى في الأفراح بتلك "العقلانية المباغتة" والرغبة غير المبررة في مناقشة أهم قضايا العمل، والانخراط المخلص في تباحث مستقبل زراعة الأرز في جيبوتي.

أعتقد أننا_بدورنا_ نهرب من هذه اللحظة، ونصادر إمكانية إقامتها ولو تخيليا..نتراجع حتى لنكاد نمس الجدار بكفين مفرودتين.

يبدو المشهد لكاميرا "منظور الطائر" كما لو كنا في رقصة "فالس"..هن يتقدمن نحونا، ويتصنعن الحيل، كي يلمسننا، كي يتأبطننا، كي نتماس و"نرتبط" على نحو أو آخر، بينما نتراجع نحن أمام تقدمهن..تراجع مادي ومعنوي..كأن الخمر لعبت برؤوس الجميع.

تتداعى أمامي سلوكيات إناث الثدييات في مواسم التزاوج..وتؤسفني حقيقة أن سلوك ذكور الثدييات_دوما_ مثير للغثيان باعث على الأسى والخجل معا.

أتأهب لعدة أفراح قريبا، وأدرس خططا كثيرة للإفلات من رقصة الفالس الإجبارية التي سننخرط فيها، لكنني بيني وبين نفسي، أفكر أحيانا في التخلي عن دور "الحكم الألماني" الذي تعينه الفيفا لمباراة ما قبل النهائي.

هناك تعليق واحد:

مصر نيوز يقول...

موضوع جميل و مدونة روعة