لا أذكر عدد المرات التي اعتبرني فيها آخرون ابنا لهم، هذه تقول أنت ابني الذي لم أنجبه، وهذا يجزم أني ابنه الذي لا يدرك ماهية الرابط الخفي بينه وبينه.
أين حللت، تطوع كثيرون لتطويقي بأبوتهم الافتراضية أو أمومتهم المتخيلة، وبين إحساسهم، واندهاشي ثم انصياعي في نهاية المطاف، تصدر عنهم الكثير من الأفعال والتصرفات التي تصدق مشاعرهم (غير المبررة لي، وفرط البديهية بالنسبة لهم).
أسير في الشوارع وأركب المواصلات ملاحقا بنظرات الآخرين، عواطف جياشة من سيدات في عمر الأم، وحنو فائض من رجال في سن الأب.
لأولئك الذين لا يجدون مساحة للتعامل المشترك والمكثف والطويل الأمد، يقولونها على استحياء وبتخفيف مفتعل: معاي زيك.
في واشنطن ونيويورك، يلفت انتباهي تعاطف عاملات النظافة في الفندق معي (كانتا سيدتين خمسينيتين).
عاملة الفندق في واشنطن، تتبرع بإرشادي للطريقة المثلى للاحتفاظ بالأطعمة بحال جيدة لأطول وقت ممكن، وتسارع في تعليمي عدد من المهارات الشخصية للبقاء حيا لأطول فترة ممكنة ( لست الشخص الأمهر في تحضير الطعام لنفسه، ولا في التعامل مع كهرباء الغرفة).
في نيويورك تخوض معي العاملة حوارات مطولة على مدار فترة إقامتي، تخبرني: القهوة يمكن تحضيرها بهذه الطريقة لا تلك! ويمكنك أن تتناول غداءا جيدا فقط لو طلبت من مطعم الفندق الأكلة الفلانية وابتعدت عن العلانية "آميد* إنهم لايطهون السلامون جيدا!).
كيف تريد شكل الغرفة كي أنظمها لك _يا حندوق القلب أيها الابن الصغير البار!_بل تشاركني أزماتها العقيدية ومعارفها اللاهوتية المسطحة :" أليست الكاثوليكية والإسلام يدعوان إلى الاعتقاد نفسه؟".
وبصورة أكثر توسعا، يعتبرني كثيرون أخاهم الذي لم تنجبه أمهاتهم: أحمد والله إنت أخويا!
لا أعرف مصدر الرسالة التي تتسرب مني رغما عني، مفادها: تعالوا أيها الناس..أنا ابنكم..وأخوكم ..وابن اختكم ..وانتم بنات عمتي.
أقف في المترو وأرقب من طرف خفي هذا الرجل الذي يتحرق شوقا للحديث معي، أكاد أتعاطف معه وأذهب إليه قائلا: لا عليك يا زوج عمتي..لا عليك.
ألتحق بعمل جديد، بينما ترمقني المديرة بنظرتها القلقة: أنظر لها وأقول : لقد تناولت الغداء لا تقلقي يا خالة..كل شيء على ما يرام.
أسير في الشوارع بينما موسيقى الخلفية التي تعتمل في أذني: الشعب حبيبي وشرياني.
حتى أبي شخصيا، يتحدث معي بينما يبدو على وشك الانفعال: انت زي ابني يا أحمد..ونصيحتي ليك صدقها!.
أنا شخصيا_بالتمرس_ أحس شيئا متبادلا.
لكن هناك الذين هم هناك، يعرفون مواضعهم جيدا.
*آميد= أحمد، هكذا نطقن اسمي.
هناك 5 تعليقات:
:))
كنت زمان بفرح قوي لما حد يقولى كده ( انتى زي بنتي - نفسي بنتي تبقى زيك- و الله بحس انك اختى ) دلوقتى ............
زي ما قلت هناك من يعرفون مكانتهم جيدا أما البقية فاكتفى معهم بالدعوات و الابتسامات و أردد في داخلى البيت اللى بيقول :
وزرعت لي بين القلوب مودة والعطف منك برحمة وحنان
ونشرت لي في العالمين محاسنا وسترت عن أبصارهم عصياني
وجعلت ذكري في البرية شائعا حتى جعلت جميعهم إخواني
والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام علي من يلقاني
أدام الله عليك النعمة...أخي أحمد :))
فاكر لما علقت عندك من كام بوست وقلتلك بتحسسنى انى عارفاك معرفة شخصية؟؟؟؟؟
يا سلام
فكرتني بحاجات قديمة اوي
رائعة ياأخي، ياأبي
:)
أكيد فيك حاجة بتقولهم يا جماعة أنا محتاج اللي ياخد باله مني .. و يعديني الطريق :P
و ممكن تكون بتبعتلهم رسالة انهم ناس مهمة ، فبالتالي يبدأوا يصبغوا عليك من أهميتهم و من رعايتهم
حلو البوست
إرسال تعليق