كان يشدد: يجب أن تجيد الاعتناء بنفسك، لا تفسد جهدك الصحفي كله لأجل سبب تافه، كأن يبتل شرابك فتصاب بدور برد قاتل!
رغم كل ما حاول تلقيني إياه هذا المدرب الصحفي العظيم الذي تربى في جنبات مؤسسة إعلامية بريطانية عتيدة، كانت تستوقفني نصائحه الطبية، وسط طوفان النصائح والخبرات التي اختار أن يدربني عليها، إذا ما ألقتني الأقدار يوما لتغطية حرب أو نزاع إقليمي أو ثورة أو حادث شغب كبير.
إذا اختطفوك( المتمردون أو قطاع الطرق أو ماشابه)، فاوضهم بهذه الطريقة، وإذا اختطفوا زميلك فاوض عنه وعنك بذلك الأسلوب.
فلتختر فندقا بالمواصفات الفلانية، ولتختر غرفة قريبة من السلم، ولتملأ البانيو ماء ولتبحث عن مشمع ولتكسر أقرب وأصغر جسم خشبي (بطريقة معينة شرحها لي بدقة هندسية مذهلة) ولترتب أولوياتك لحظة القصف بحيث تنجو بنفسك أولا ثم مادتك الصحفية ثانيا..ولا تنتبه بعدها لأية تذكارات أو نقاط ضعف عاطفية قد تودي بحياتك.
يشرح لي مستفيضا لماذا سأملأ البانيو وفيم سأستخدم المشمع ولماذا سأكسر أقرب جسم خشبي وكيف سأرشو رجل المهام القذرة بالفندق كي يدلني على طريقة هروب مثالية.
أترك كل هذه التفاصيل وأسأله، وماذا عن ابتلال الشراب؟
يقول لي نافد الصبر: ابتلال الشراب في منطقة استوائية كتلك التي ستتوجه إليها بعد قليل (كان ذلك منذ عامين) قد يودي بحياتك. لو لم ترش المادة الحامية من الحشرات ربما تلدغك بعوضة تعصف بذاكرتك نفسها، ، لو لم تصطحب أكثر من 30 غيارا داخليا ففرص إصابتك بالأمراض سترتفع للضعف.
يحضر لي قبل السفر دواء أنتينال المطهر للأمعاء، ويؤكد علي : لا تنس أقراص البانادول والضمادات الطبية والمناديل المبللة.
يمسك حقيبتي الصغيرة ويرص ملابسي فيها بصورة مدهشة، يقبل جبيني ويقول لي: أنا أثق بك فلا تخذلني!
أعود إليه ذات مرة من سفري وقد لدغتني بعوضة تورم لها وجهي، وأعود من سفرة أخرى وقد تناولت شريطي البانادول كاملين، ومرة أخرى وقد تحطمت أغراضي واحتجزتني الشرطة.
يقيم مجمل ما أنجزته من عمل: المواد المكتوبة والمسجلة والصور وملفات الفيديو، فيبتسم ويقول: لأجل هذا دربتك على الخطر!
أكشف عن شرابي الجاف وأقول له: لو أن هذا ابتل لم أكن لأقف بين يديك.
فيقول لي وقد تخلى عن كبريائه كمدرب وعاطفته كأخ: محدش بيموت ناقص عمر يا دودي.
أتذكر كلماته بعد نوبة التسمم اليوم وأقول لطيفه الماثل في ذهني: من لم يمت بالسيف مات بغيره..لكن دعني أصدقك القول.. أنا سعيد لأن شرابي لم يبتل.
هناك 7 تعليقات:
قال لك يا دودو و لم يقل يا دودي ....إذا هو رجل مختلف :)
في التنمية البشرية يقول الخبراء أن القادة لا يولدون قادة و إنما يتربي كل منهم و قد رأى أحد العظماء فيقرر أن يكون مثله
وفقك الله سيد دودي :)
nice post (Y)
سلامتك يا دودى
أنا معجبة جدأ باختيارك للصور في كل بوست، من زمان
المراسل الجيد يحتاج إلى زوج جيد من الأحذية. المراسل الجيد يجب أن يحتفظ بعشرين نسخة ملونة على الأقل من جواز سفره. هل تتذكر يا دودو ان تحمل صورا شخصية كافية (20) في محفظتك؟؟ هل تتذكر أننا لا نسمع صوت الرصاصة التي تقتلنا؟؟ على أي حال.. هل معك زوج إضافي من الجوارب؟؟ انا مطمئن عليك إذا
بوست رائع كالمعتاد يا صديقي
"لا تفسد جهدك الصحفي كله لأجل سبب تافه" هذه الجملةكبيرة المعني ترن في اذني بعد ان فرغت من البوست
دمت صديقا جميلا .
رائع كعادتك
إرسال تعليق