90s fm

الأربعاء، 16 فبراير 2011

الجزء الذي لازال بالتاسعة من العمر


لازلت أحتفظ في جزء مني بشخصي وأنا في التاسعة من عمري..


حين أنفرد بنفسي_ وما أكثر الانفراد وأقل الوحشة_ آمر بقية الأجزاء بالكف عن العمل، أطفيء كل الأنوار إلا نور هذا الجزء..ثم آذن له..انطلق.


أعود إلى هذه اللحظة تحديدا، وحيدا في الشقة، كل أفراد الأسرة غير موجودين..أتسلق الدولاب الكبير، ألتقط مجموعة الأدوات المعملية التي أهداني إياها أحد أصدقاء أبي لما عرف شغفي بالعلوم، أتناول المخبار المدرج، أملأه حبرا (أي شيء يصلح كي يبدو مادة كيماوية) وأضع في الدورق عصيرا(مادة أخرى)، ثم أذهب لأواني الزرع في البلكونة وأجري تجاربي على زهرة البوتس المسكينة : عصير وحبر..أو عصير على حبر..ثم أنتظر النتائج.


لا ينمو الزرع بصورة مباغتة كما كنت أتوقع..أيأس قليلا وأذهب للداخل كي أتخيل أمرا آخرا يمكنني أن أفعله.. ثم انطلق..


كان يومي مفعما بالتجارب : أشيد بيوتا وجسورا وأسلحة ومعامل ومشافي وقصورا..ولكل تفصيلة في القلب مرد.


وقبل أن يتوافد أفراد الأسرة على المنزل مرة أخرى..يعود كل شيء لمكانه، وأبدو أمامهم طفلا وديعا يستمتع ببرامج التلفزيون وقراءة المجلات المصورة.


حين آذن لهذا الجزء الآن بالانطلاق لا أحسني مثقلا بحقائق الحياة، أتخفف من قيودي قيدا قيدا..وأحس فورة في نفسي..أحسني طافيا..طيفيا..نورانيا..جميلا..فوق كل شيء.


أمارس هوايتي في سكب العصير والحبر على نبتة حياتي..يواجهني مدرائي: كف عما تفعله وافعل ما يتطلبه العمل!


حين يضيق خناق المجتمع علي..أرد بعنف..مستعدا لكل الخسارات..لكني لن أخسر هذا الجزء : أنا في التاسعة.


أترك العالم يضج بما يموج فيه، أتناول عسليتي المفضلة، أعيد تلاوة قناعاتي مرة أخرى، أحاكم كل الآخرين، بمنطق طفل في التاسعة..


فأسامحهم على الفور.


فليأخذوا هم عالمهم إلى حيث يريدون..ولأقبع أنا هنا..حيث تنتظرني مهام جسام.


(أنا الولد الذي سيغير وجه العالم)


إذا أردت أن تغير العالم معي: فاجلس وحيدا، وأطفيء كل الأنوار إلا نور الجزء الطفل..وامرح معه..


هناك 3 تعليقات:

Unknown يقول...

أيها الدريني العظيم

شكرً على كل شىء

Emtiaz Zourob يقول...

امم .. مقال رائع عن الطفل الذي يسكن بداخل كل منا ..
تقبل مروري.

زفات يقول...

شكرا شكرا شكرا



شكرا

زفات
موقع زفات
زفات راشد الماجد
زفات حسين الجسمي
اغاني زفات
زفات محمد عبده
زفات اسلاميه