90s fm

الخميس، 17 فبراير 2011

عقيدة باول..عقيدة طنطاوي..عن الجيش المصري


على خلفية انهيار الاتحاد السوفييتي، وبعد حرب الخليج الأولى 1991، صاغ كولين باول رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأسبق ما صار يعرف فيما بعد ب"عقيدة باول"، وهي رؤية باول لدور الجيش الأمريكي في الحياة العامة بعد انهيار (موسكو).
وكانت الصياغة ردا على بعض المطالبات بتدخل الجيش الأمريكي لمواجهة الفساد الداخلي في الولايات المتحدة من عمليات غسيل أموال وتجارة مخدرات وخلافه، بعد الخواء الكبير (نفسيا قبل أن يكون استراتيجيا) إثر انهيار أكبر المنافسين.
عبر باول في رؤيته عن رفضه لزج الجيش في مثل هذه الأمور، تاركا إياها للشرطة، محددا أن الجيش ينبغي أن يقوم بحماية الولايات المتحدة وتنفيذ طموحاتها العسكرية_وفق استراتيجيات نفسية وحربية كاسحة_ تعلي من هيبة الولايات المتحدة وتضع واشنطن على عرش العالم دوما..وبلا منازع.
أسوق الملابسات السابقة في معرض الظرف الذي تتعرض له مصر الآن والذي تقاطعت فيه الأسباب لتسوق قدر مصر ليد "الجيش"..وهي يد بيضاء فيما أوقن، نزيهة بما يتواتر، حانية كما ثبت، خشنة في وجه آخرين لا تعلمونهم الله يعلمهم.
وفيما ينادي البعض على استحياء _يخذله، على ضعفه وهوانه، حماية الجيش للثورة_ بأن تعود القوات المسلحة أدراجها في أسرع وقت ممكن، وأن تترك المهمة للمدنيين الرائعين، أحسني مضطرا للاختلاف علانية.
فقد ألمح الجيش في أحد بياناته إلى أنه "يناشد" الجماهير العودة لمنزلها غير مستند على "سلطان القوة". وهو إلماح لإمكانية الجيش حسم كل شيء وبسرعة، لولا أن عقيدته هي حماية المصريين وليس توجيه رصاصه إلى صدورهم.
***
"لما نيجي نحارب إسرائيل هنحاربها بمين؟ بيكم إنتم..إنتم اللي هتدافعوا عن البلد دي وإنتم أساس الوطن ده"
كانت هذه هي كلمات اللواء إسماعيل عثمان رئيس قطاع التجنيد سابقا ورئيس قطاع الشئون المعنوية حاليا والرجل الذي اضطلع باديء الأمر بإلقاء بيانات الجيش.
كان هذا "التوضيح" من جانب إسماعيل، في خطابه لنحو 25 ألف شاب من الحاصلين على الليسانس أو البكالرويس أثناء تقدمنا لأداء الخدمة العسكرية في القوات المسلحة عام 2006، ورغم أن غالبية المتقدمين ساعتها حصلوا على تأجيل فإعفاء، إلا أننا بعد 3 ساعات من الحوار مع إسماعيل حول الجيش المصري وحول علاقتنا به وكيفية التحاقنا بصفوفه خرجنا على يقين تام أننا نتعامل مع مؤسسة تحترم إنسانيتنا وتقدر عقولنا، وتثمن منا درعا للوطن..وكان هذا الخطاب امتدادا طبيعيا لمحاضرات التربية العسكرية أثناء الدراسة الجامعية والتي دأب الضباط المدرسون من خلالها على تأكيد أننا إخوتهم وأبنائهم وأبناء أعمامهم ولسنا بنظرهم موضع اضطهاد أو استباحة مثلما يفعل ضباط العادلي قبح الله مواضعه حيا وميتا.
***
ومن هنا فإن "الباوليين" وإن اختلفت دوافعهم، على تشوشها وسوء قياسها التاريخي وبلادة استشرافها المستقبلي، في إعادة الجيش إلى ثكناته، يبدون بنظري لا يعلمون شيئا عن الجيش ولا عن السياسة ولا المجتمع.
أنا مع بقاء الجيش في الشارع تماما وإن طالت الأشهر إلى أن تتشكل خلال تلك الفترة علاقة جديدة بين المواطن والوطن يحس فيها المصري أن الشارع له وأن البنيان ملكه وأن الحق حقه، وأنه ليس من حق شرطي مهما كانت رتبته أن يهدده أو أن يأخذ حقه.
أن يحس أن "سلطان قوة" الجيش قاهر فوق أعناق الفاسدين الذين نهبونا، وأننا سنسترد حقوقنا من أكبادهم رغما واقتدارا، أن يحس أن ضباط هذا الجيش العظيم أقسموا الولاء لمصر وشعبها لا لغيرهم، وأنهم خط دفاعه الأخير ودرعه الذي لن يتبدد، وأن يرى محاكماتهم تباعا ليشفي غيظ قوم مؤمنين.
وربما كان الرهان على الجيش هو سر التفاعل الحميمي المدهش بين الجيش والشعب الذي لازالت وقائعه قائمة..ففي كل ميدان وبجوار كل دبابة، مواطنون يلتقطون صورا تذكارية، وفتيات يقدمن الزهور لعساكر الجيش وأمهات يقبلن الضباط والمجندين، أنا شخصيا يتم استيقافي بواسطة سيدات في نهاية الأربعينيات كي ألتقط لهن صورا بجوار أفراد الجيش.
الحالة كرنفالية رائعة، عاطفية جياشة، تليق بمشاعر متداخلة مضطربة، بعد مشهد التحرير على مدار 18 يوما والذي بدا فيه أقرب لرؤية توراتية، منه لأرض واقع، أو حتى للدراما وفنون الإخراج!
***
أتذكر لقائي بأحد الضباط المرموقين قبل أعوام بعيدة وهو يقسم لي أنهم لن يتركوا فاسدا في هذا البلد، وأنهم سيأخذون حقنا من لصوص السعادة وعصابة السطو على مستقبل الوطن، وأتذكر قناعته بأن مصر لأبنائها، لا لجيش ولا لشرطة ولا لنظام..فقط الجيش خط دفاع الشعب الأخير.
حضرة الضابط..صدقت وعدك وناصرت شعبك..لك التحية إن كنت ما تزال حيا..وعليك الرحمة إن كنت في جوار من لا يغفل ولا ينام.

هناك 3 تعليقات:

Emtiaz Zourob يقول...

لقد ضرب الجيش أعظم مثال للانضباط والشرف بوقوفه بجانب الشعب ضد الفساد والظلم ، فألف تحية وتقدير واحترام للجيش المصري على الدور الذي قام ويقوم بها ،، فإن خير جند الارض هم المصريون ، حماكم الله وحفظكم من كل عدو متربص بكم.

هاني يقول...

اتفق معك في رؤيتك لدور الجيش المصري, و لكن اختلف معاك في نقطتين:

الاولى ان مايسمى بعقيدة باول هي, حسب قراءتي لها, مجموعة من المعايير لقياس ضرورة التدخل العسكري بعد التأكد من عدم جدوي الطرق الأخرى. لم تركز النقاط الأساسية لها على الدور الداخلي للجيش في الولايات المتحدة. ربما أكون مخطئ.

النقطة الثانية: زعمك ان الذين لهم رأي مختلف في هذي القضية "لا يعلمون شيئا عن الجيش ولا عن السياسة ولا المجتمع...". هذا حكم مطلق على الأمور, ليس من حقك ان تزعم ان المختلفين معك غارقون في الجهالة. طريقة كتاباتك تنم عن ثقافة عالية, التي لابد ان تنعكس على حكمك على من يخالفك الرأي.

زفات يقول...

شكرا شكرا شكرا



شكرا

زفات
موقع زفات
زفات راشد الماجد
زفات حسين الجسمي
اغاني زفات
زفات محمد عبده
زفات اسلاميه