يذهب البعض إلى أن نجيب ساويرس هو النموذج المثالي في مخيلة الشبان المسيحيين في مصر، لما يمكن أن يؤول إليه مستقبل شاب مسيحي، فهو ناجح ومرموق، ويبدو لحد كبير "عصاميا"..
أي نعم لا يبدو متدينا، لكنه على وفاق مع كرسي الكرازة المرقسية، وطائرته الخاصة مستعدة دوما لنقل البابا لتلقي العلاج في أمريكا.
يعضد البعض من منطقه في "قبطنة" ساويرس شخصا وسياسات قائلا : معظم المسيحيين يشتركون في "موبينيل" لأجل ساويرس، هم في حالة انعزال جيتوي مع موبينيل، ويعتقدون أن مصاريف استهلاك المكالمات، حين تذهب لخزينة ساويرس فهي تصب في المكان الأمثل.
ومن ناحية أخرى، يعتبر "إسلاميون" ساويرس استفزازا صريحا يسير على قدمين، فهو مسيحي ثري بصورة فاحشة، يشكل نوعا من توازن الردع (رغم أنه لا معركة هناك كي يتوازن طرف أمام آخر).
كما يثير ساويرس الذي يتباهى بعلمانيته (نريد هنا إعادة تعريف العلمانية على لسان ساويرس نفسه) جدلا من وقت لآخر، فهو تارة يتخوف من أن تتحول مصر إلى "السعودية" ..وأحيانا حين يرى الإسدال يحس أنه في "طهران".
هو يبدو في حالة اشتباك دائم مع مظاهر "الأسلمة"..
تصريحات ساويرس حين تتقاطع مع صورته الذهنية "الاستقطابية" في وعي شبان كلا الفريقين، تشكل أزمة حقيقية، فيبدو ساويرس بثقله الاقتصادي، كما لو كان "توازن ردع مسيحي" حتى لو انتحل لغة علمانية، في مواجهة طموحات الإسلاميين، الذين سيفرضون الجزية على الأقباط صباح السبت، لو فاز أحدهم بالرئاسة عشية الجمعة!
وحين وضع ساويرس نفسه بطلا في المخيلة القبطية، وخصما في المخيلة "الإسلاموية"، وحين لعب دور توازن الردع وتوازن الردع المضاد، كان لا بد أن يثار جدل كبير من وقت لآخر.
ورغم أن ساويرس يماثل قطاعا كبيرا من العلمانيين الأميين الذين لا يفرقون بين "الإسلام" و"التأسلم"، ويخلطون في نقدهم، وسفالتهم أحيانا بين تناول الإسلام كدين سماوي، وبين تناول مظاهر الأسلمة كسلوك اجتماعي وسياسي يحسب على سالكيه لا على الديانة، إلا أن تصريحاته مثيرة للاستياء، بصورة لم تكن لتتحقق لو قال نفس الكلام المفكري المسيحي العلماني: سمير مرقص.
أقام البعض الدنيا ولم يقعدها حين بثت قناة أون تي في المملوكة لساويرس، فيلما أمريكيا، بدون حذف المشاهد الجنسية منه، قبل نحو 4 سنوات، وأضافوا ما حدث في قناة ساويرس لفلكلوريات "مكائد الغرض ومخططاته لإفساد الشباب المسلم وإلهاءه عن دينه"، دون أن يلتفتوا إلى أن هناك بيوت مسيحية في مصر تتعامل مع التلفزيون (بقنواته الأرضية المملة) كما لو كان شرا مستطيرا، وتحرم على أفرادها مشاهدته بوصفه موبئا للرذائل، فما بالنا برد فعل الأستاذ المتدين ألبرت مدرس الفيزياء بمدرسة الحرية الثانوية حين يعلم أن ابنه مايكل (15 سنة) يشاهد فيلما يحتوي مشاهدا إباحية على قناة الأخ القبطي نجيب ساويرس؟ ربما حطم التلفزيون_بعد انتهائه من تحطيم عظام مايكل- إلى أن يصب لعناته على ساويرس وأمثاله.
ولن يسعد الأستاذ ألبرت بالطبع لأن مايكل يشاهد خلاصة الإباحية الأمريكية ، بما يصب في زيادة عدد مشاهدي القناة، ما يعزز توافد الإعلانات على قناة الأخ ساويرس!
قبل نحو ثلاثة أعوام، نقلت مجلة سويسرية تصريحا عن سميح ساويرس أخو نجيب من أنه لا يمانع أن تتزوج ابنته من رجل مسلم، فهو علماني يؤمن بالحريات..ورغم أنني شخصيا لم أتعرض لأي نفي رسمي من قبل سميح، لكن الخط العقائدي لآل ساويرس يبدو واضحا وإن اختلفت تجلياته، وتباينت أطيافهم.
يقول الصديق أشرف ميلاد على حسابه على فيسبوك "لم أحب ساويرس واتخيل كيف حصل على موبينيل لكن هناك حملة ضده لأنه مسيحى مما يجعلنى أتقزز من مطلقيها فالصورة تتداول منذ 3 شهور ولكن لا يعمل أحد على وجه اليقين ما هو هدف هذه الحملة".
أشرف وطني جدا، وشخص عقلاني ومعتدل، ويمكنك الوثوق في تحليلاته..
أشارك أشرف أن جزءا كبيرا من الحملة ضد ساويرس لأنه "مسيحي"..لكن بنظري ليس لأنه مسيحي بمقدار ما هو مسيحي وضع نفسه في إحداثي مستفز، في ظل قراءة متربصة، وفي إطار انعدام قدرة ساويرس على إقناع الناس أنه شخص طيب نزيه ليس له مآرب.
لكن الأخطر في كلام أشرف هو الجزء الأول :" لم أحب ساويرس واتخيل كيف حصل على موبينيل" وهو الجزء الذي يستحق التركيز الأوفى إذا كنا بصدد تقييم ساويرس وإمبراطوريته المالية، وتحديد في أي خانة تصب.
يقوم ساويرس باستثمارات واسعة بالاتفاق مع إدارة بوش الابن في إعادة إعمار العراق في ظل بيزنس مشبوه يتحرك في ركاب حرب قذرة وعدوانية، ولساويرس قصص مشهورة هناك، ربما أبرزها اختطاف عماله هناك، وعلاقته بمحسن السكري المتهم بقتل سوزان تميم، الذي قيل أنه كان يقوم بعمليات من طراز ما لصالح ساويرس..والله وحده يعلم.
بعيدا عن علاقة نجيب بآلهة الحرب الأمريكية، يطرح تساؤل أكبر نفسه علينا: ما هي علاقة ساويرس بالديكتاتوريات؟
استضاف ساويرس سرا قبل 3 سنوات تقريبا الرئيس الباكستاني المخلوع برويز مشرف، في فندق فورسيزونس بالجيزة، وأقام له حفلا ضخما للاحتفال به، وحين تشممت بعض وسائل الإعلام خبر وجود برويز مشرف في مصر، كتب جابر القرموطي مقالا على موقع اليوم السابع يشيد فيه بالعلاقة بين البيزنس المحترم والسياسة، ممثلة في ساويرس ومشرف!
برويز مشرف لمن لا يعرفه، ديكتاتور من طراز فريد، ربما يبدو مبارك مقارنة به، ملاكا مجنحا.
والقرموطي لمن لايعرفه هو مقدم برنامج مانشيت على قناة أون تي في المملوكة لساويرس، وهو المذيع الذي بكى على مبارك بحرقة، في واحد من أشهر كليبات الثورة الهزلية.
وجاءت المؤشرات الاقتصادية لتوضح أن مكاسب موبينيل في باكستان تراجعت في الثلاثة أرباع المالية التالية لخلع مشرف، بصورة واضحة..والدلالة هنا لا تحتاج تفسيرا.
ورغم الشبهات المحدقة بساويرس من كل جانب، إلا أنه يبذل جهدا إعلاميا دعائيا مهولا لتحسين صورته.
فهو يسمح بتناول شخصه بالإفيهات الضاحكة في فيلمي عمرو عبد الجليل الأخيرين (الذين يساهم في انتاجهما) "كلمني شكرا" و"صرخة نملة"، في ممازحات ظاهرها الممازحة، وباطنها الدعاية الضمنية، كما يقدم جائزة سنوية ثقافية ذات سمعة جيدة تحمل اسمه "جائزة ساويرس".
لكن شيئا ما أكبر من هذا يثير تساؤلاتي بخصوص ساويرس، وهو علاقته بالعاملين معه، هنا أنقل نصا من مقال يسري فودة بالمصري اليوم بتاريخ أمس الأحد 26 يونيو، يقول فودة:
(ففى يوم 25 يناير وصلت إلى نجيب ساويرس رسالة منى بعد اجتماع تحريرى حاسم: «إما أن ننقل للعالم ما يحدث بكل أمانة ووطنية ومهنية أو أن هذه نهاية الطريق بيننا، وعلينا، إذا فعلنا، أن نتوقع احتمال أن تغلق القناة بمكالمة تليفونية». كان رده: «إعملوا اللى إنتو مقتنعين به ويقفلوها يقفلوها)
يذكرني مقال فودة، بتقرير كتبته قبل 3 سنوات عن استضافة قناة (أون تي في ) لطاه إسرائيلي على شاشتها، فاتصل بي على الفور أحد مسؤولي القناة، وهو مفكر ذو خلفية أكاديمية، كنت أعشق كتابته وآرائه، ليسترضيني ويحاول تصحيح الموقف، مناديا إياي بالأستاذ أحمد _في تدليل مثير للريبة-، ثم قال لي الجملة التي مازلت أتوقف عندها حتى اليوم ( أي غلط يحصل في القناة إحنا اللي نتشتم عليه..انما نجيب ميتشتمش..نجيب ميتشتمش).
هناك 4 تعليقات:
تسلم إيدك، هو مجرد تايكون اقتصادي، ورجل اعمال شغال في شغل مشبوه، وبيلف ويدور كتير.
ومش الازمة انه مسيحي، لا..انه فيه شيء مش صادق ومخادع
تسلم
مسيحي وضع نفسه في إحداثي مستفز، في ظل قراءة متربصة، وفي إطار انعدام قدرة ساويرس على إقناع الناس أنه شخص طيب نزيه ليس له مآرب
هو فعلا مش عارف يقنع حد بنواياه الطيبة اللى بيزعمها لكن للأسف المصالح بتخلى ناس كتير محترمين يتشاركوا معاه في أعمال ظاهرها جيد و باطنها الله أعلم بيه
و الأسخف انه لما بيتكلم دلوقتى بيتكلم بلسان المناضل اللى كان من يوم 25 في التحرير ، هو واحد عرف يلعب على الوجهين علشان يكسب في النهاية
سال حبرك هنا وروانا بقطرا كاد الدمع
يستل منا امام تلك الكلمات العظيمه
فكم فخورين بك
بكنك لدولتشي
http://hawaa.alnaddy.com/article/262683
ساوريرس متهور ولازم يتعاقب على اللى عمله , وشخصياً سقط من نظرى .
إرسال تعليق