ربما كان كارل يانج عالم النفس العظيم، هو الذي ذهب إلى فرضية أن الشخصين اللذين يتصادمان في زحام الشوارع، كل منهما قد أخذ قرار الاصطدام بالآخر-لاشعوريا- قبل نقطة الصدام بحوالي 200 مترا مثلا.
للأمانة: ربما لم يقل يانج هذا..وربما لا توجد نظرية بهذا الطرح..لكني أصدق أن ثمة شيء ما هناك في قلب هذا العالم على هذه الشاكلة، ومن هنا أبدأ معك هذا الخطاب:
حبيبتي..
منذ سنوات مضت وقد أدركت أن نقطة الالتقاء قادمة حتما، رأيتك وسط الزحام، على نحو مشوش، لكن هيئتك وشت بأنك أنت أنت.
(سأصطدم بك، ويضرب البرق ضربته، ويمر وقت سريع، لأفاجأ بنفسي ويداي تشابكان يديك ومعنا خمسة أطفال على الأقل، ثم أتذكر ما جرى بين اللحظتين مندهشا ، لحظة الصدام فلحظة التنبه، ثم سعيدا لأني اختلستك من الزمن ولأن الزمن اختلسني لك، ولأن السماء تواطئت على تمرير هذه الدراما العذبة)
كنت أدرك-قسما بمن رفع السماء بلا عمد- أننا سائران لهذه النقطة حتما، ما جعلني أرسم سيناريوهات محتملة (مكانيا) لهذا الموعد المخزون على جدول أعمال الزمن.
درست خرائط تحركاتك، كنت أقول ربما يكون اللقاء الأول في هذه المكتبة في هذه الأمسية في هذا المطعم..
درست تاريخ ميلادك المتوازن رقميا كأنه سيمفونية عمرية لا مجرد تأريخ عابر..وقرأت كل ما يخص تحركاتك النجمية، وتنبؤاتك الفلكلية..
أخضعت كل ما تقولينه لتحليل مضن، استعنت فيه بكل ما أعرف ومالا أعرف، إلى أن أنتهيت لتصور محكم عنك..
وضعت خارطة تحركاتك المحتملة (محل العمل والسكن وأماكن يحتمل وجودك فيها)، جوار مستقبلك الفلكي، حيال تحليلك النفسي، ثم التقت الخيوط الثلاثة-على وفاق قدري- فكان الاصطدام المرتجى..رغم انقضاء الزحام من مسرح أحداثنا المشترك، بما يجعل من الاصطدام بيننا مجرد تلكيك مدروس لا أكثر.
وفي هذه النقطة الحائرة ..تحاصرني خلاصة أسئلة المعتزلة (أي الحبين كان أسبق انبثاقا من رحم السماء؟ أيهما الحادث وأيهما القديم؟ وهل مقترف حبك خالد في حبك؟....) أقف حيال تساؤل يعبث بيقيني، ويبدده بلا ارتئاف.
إذا كنا حتما صائرين إلى ما صرنا إليه..وإذا ما كانت الإراداتان متعاقدتان منذ سنين مضت، وإذا كانت السماء تغض الطرف كثيرا كي نتقاطع، وإذا كانت ملائكتي الحارسة تسرب لي معلومات عمدية عن كل شيء، وإذا كنت أنت تعرفين هذا كله دون أن أنطقه..
إذا كان هذا-كل هذا- على هذا القدر من الثبات والرسوخ واليقين..لم أفتقدك على هذا النحو الموجع؟
ولم أشك-ورأسك مستكين على صدري- أن المخطط قد تعتريه أي عوامل خارجية تغير من النتيجة النهائية؟
حبيبتي..
كل ما أملكه من حطام الدنيا هو جاكتي المفضل الذي أخلعه عليك في الليالي القارسة البرودة، وزجاجة العطر التي لا تفارق حقيبتي، ونحو عشرين ورقة مالية من فئة لم أتفحصها جيدا ولا يعنيني تفحصها، والكثير من حبك الذي لم يختمر كاملا بعد..
ربما لأن نبؤتي قالت: إذا أحب..كتم..وإذا كتم مات؟
حبيبتي..
كل هذا الإفصاح الذي تعتقدينه..هو الكتمان عين الكتمان..
إذ أن الحقيقة لا تختزلها الحروف مهما كانت الملابسات والدوافع والموهبة.
للأمانة: ربما لم يقل يانج هذا..وربما لا توجد نظرية بهذا الطرح..لكني أصدق أن ثمة شيء ما هناك في قلب هذا العالم على هذه الشاكلة، ومن هنا أبدأ معك هذا الخطاب:
حبيبتي..
منذ سنوات مضت وقد أدركت أن نقطة الالتقاء قادمة حتما، رأيتك وسط الزحام، على نحو مشوش، لكن هيئتك وشت بأنك أنت أنت.
(سأصطدم بك، ويضرب البرق ضربته، ويمر وقت سريع، لأفاجأ بنفسي ويداي تشابكان يديك ومعنا خمسة أطفال على الأقل، ثم أتذكر ما جرى بين اللحظتين مندهشا ، لحظة الصدام فلحظة التنبه، ثم سعيدا لأني اختلستك من الزمن ولأن الزمن اختلسني لك، ولأن السماء تواطئت على تمرير هذه الدراما العذبة)
كنت أدرك-قسما بمن رفع السماء بلا عمد- أننا سائران لهذه النقطة حتما، ما جعلني أرسم سيناريوهات محتملة (مكانيا) لهذا الموعد المخزون على جدول أعمال الزمن.
درست خرائط تحركاتك، كنت أقول ربما يكون اللقاء الأول في هذه المكتبة في هذه الأمسية في هذا المطعم..
درست تاريخ ميلادك المتوازن رقميا كأنه سيمفونية عمرية لا مجرد تأريخ عابر..وقرأت كل ما يخص تحركاتك النجمية، وتنبؤاتك الفلكلية..
أخضعت كل ما تقولينه لتحليل مضن، استعنت فيه بكل ما أعرف ومالا أعرف، إلى أن أنتهيت لتصور محكم عنك..
وضعت خارطة تحركاتك المحتملة (محل العمل والسكن وأماكن يحتمل وجودك فيها)، جوار مستقبلك الفلكي، حيال تحليلك النفسي، ثم التقت الخيوط الثلاثة-على وفاق قدري- فكان الاصطدام المرتجى..رغم انقضاء الزحام من مسرح أحداثنا المشترك، بما يجعل من الاصطدام بيننا مجرد تلكيك مدروس لا أكثر.
وفي هذه النقطة الحائرة ..تحاصرني خلاصة أسئلة المعتزلة (أي الحبين كان أسبق انبثاقا من رحم السماء؟ أيهما الحادث وأيهما القديم؟ وهل مقترف حبك خالد في حبك؟....) أقف حيال تساؤل يعبث بيقيني، ويبدده بلا ارتئاف.
إذا كنا حتما صائرين إلى ما صرنا إليه..وإذا ما كانت الإراداتان متعاقدتان منذ سنين مضت، وإذا كانت السماء تغض الطرف كثيرا كي نتقاطع، وإذا كانت ملائكتي الحارسة تسرب لي معلومات عمدية عن كل شيء، وإذا كنت أنت تعرفين هذا كله دون أن أنطقه..
إذا كان هذا-كل هذا- على هذا القدر من الثبات والرسوخ واليقين..لم أفتقدك على هذا النحو الموجع؟
ولم أشك-ورأسك مستكين على صدري- أن المخطط قد تعتريه أي عوامل خارجية تغير من النتيجة النهائية؟
حبيبتي..
كل ما أملكه من حطام الدنيا هو جاكتي المفضل الذي أخلعه عليك في الليالي القارسة البرودة، وزجاجة العطر التي لا تفارق حقيبتي، ونحو عشرين ورقة مالية من فئة لم أتفحصها جيدا ولا يعنيني تفحصها، والكثير من حبك الذي لم يختمر كاملا بعد..
ربما لأن نبؤتي قالت: إذا أحب..كتم..وإذا كتم مات؟
حبيبتي..
كل هذا الإفصاح الذي تعتقدينه..هو الكتمان عين الكتمان..
إذ أن الحقيقة لا تختزلها الحروف مهما كانت الملابسات والدوافع والموهبة.
هناك تعليقان (2):
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع الجميل ** بجد موضوع جميل ومشوق... بارك الله فيكم يا شباب
رااااااااائع ويستحق النشر على الفيسبوك :) . شكراً وننتظر منك المزيييد .
إرسال تعليق