يمر اليوم عامُ بالضبط على رحيل حسام تمام.
وفي عام كامل لم تبرحني ذكراه.
ما مرت من طريق إلا ولي معه فيه ذكرى، كأنه
اختار أن نمر سويا في كل الطرق. يرحل وينقطع عن دنيانا إلا من علم ينتفع به، وسنين
طوال من الذكريات الجميلة.
إنسانيا ومهنيا، حين أستدل على شيء ما في
حكاية ما في حجة ما في سياق ما، دوما يكون للأمر علاقة بحسام بطريق أو أخرى.
كتبه التي ألفها، وتلك التي أخذتها منه على
سبيل الاستعارة أو هذي التي قرصنتها بسيف الحياء، كلها تصادفني كل يوم كأنها
تذكرني بصاحبها.
ربما لأن مجالسة حسام تحفر في وجدانك شيئا، تقودك حتما لشيء ما.
كان حسام رحلة فكرية مكتملة الأركان..أسطورة جميلة تمت قبل أوان التمام..فكان لابد أن ترحل لعالم آخر غير الذي نحن فيه.
كل شيء من ذكراك عطر..فأي شرف هذا الذي رحلت
دونه يا حسام؟
كل ذكراك شجرة ثابتة أصلها في الأرض وفرعها
في السماء..ويانعٌ أنت مورقٌ دوما.
لاينال من حضورك، تغييب الدار الآخرة.
أصدقك القول حساما، حين دخلنا محل دفنك، كانت
المرة الأولى التي أجد فيها مدافن مطمئنة أقرب للسكينة والابتهاج الهاديء منها
للقبض والوحشة.
رحلت إلى ربك وخلفت زوجة شجاعة وقفت معك بكل جسارة بينما تسلم الروح لبارئك رويدا رويدا بتعاقب الشهور والأيام..وتركت أخا يشبهك تماما (الشكلٌ وربما الخلقٌ)، حين وقف في منتصف المسجد يسأل إن كنت مدينا لأحد كي يسد دينك، فعرفت أن هذا البيت بيت كريم الخلق شهم الخلقة أصلا.
رحلت وتركت إخوة لك من غير دم ولا لحم، كلهم يبكوك بحرارة لحظة الفقدان الأولى، وكلهم على نحو ما يدرك أن مثواك ليس إلا في مكان لم تره عين ولم تسمع عنه أذن ولم يخطر بقلب بشر..هكذا يتوارد في نفوسهم جميعا..وما كان الله ليخلف ظن المؤمنين..ما كان الله ليخلف ظن كل هؤلاء!
في سلام ترقد، ويقيني يا صاحبي، أن أجمل ما
فيك لم نعرفه قط.
السلام عليك يوم التقيتك ويوم صاحبتك ويوم
افتقدتك ويوم تبعث حيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق