استعان بي ضابط الجوازات ذي الملامح نصف الشرسة_بمطار حون كينيدي بنيويورك_ في الترجمة بينه وبين رجل سوري لا يجيد الانجليزية،استبشرت خيرا،فكما يبدو أنه يثق بي جدا_الضابط لا السوري_ ومطمئن لصحة أوراقي،فقد فهم من محمود أننا سويا وهذا يكفي كما أعتقد.. إلي أنهي كلامه مع السوري واضعا أوراقه في ملف أحمر مقررا أن يصطحبه إلي مكان ما.طمأنت السوري وقلت له بلهجة الواثق المطئمن العليم ببواطن الامور :لا تقلق،هذا لا يعني اي شيء سيء علي الاطلاق..سينتهي ورقك بعد قليل.
جاء الضابط بعدها بدقيقة بينما أنا متبرم للغاية،أقف في منتهي الألاطة ،أتوق شوقا لانجاز أوراقي بسرعة..أريد أن أشرب بعض النيسكافيه قبل التوجه لطائرة ساركيوز..أريد بعض الراحة..أنا مهم جدا لو تعلمون.. فحص الشرطي ذو الملامح نصف الشرسة أوراقي وقرر أن يصطحبني أنا وناجي إلي ال "مكان ما" بينما أوراقنا محفوظة في ملف أحمر مطابق لملف السوري!
دخلنا غرفة مقبضة،بها مصريان وأردني وسودانيون و "السوري" طبعا.. وشابة دون العشرين تبدو لبنانية..مرحي بغرفة الوحدة العربية إذا..بعدها بقليل جاءت سيدة محجبة كانت معنا علي الطائرة،ثم رجل باكستاني وزوجته ثم احد افراد طاقم الطائرة،ثم جيء بآخرين وآخرين إلي أن ضمت الغرفة ممثلين من كافة بلدان العالم الاسلامي تقريبا..(قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء)
لم يتركني الضباط كثيرا لهذه الملاحظة البدائية،فبعد قليل توافد عدد من اللاتينيين وجاء شاب مكسيكي وآخر تركي وآخر كندي،ثم جاء يهودي بولندي وزوجته،ثم حاخام اسرائيلي ثم شابان اسرائيليان..إلي أن تغيرت تركيبة الغرفة تماما،علي المستويين :العرقي والديني.
بعد أربع ساعات كاملة جرت فيها الكثير من المحاضر والتحقيقات والترحيلات،قرروا الافراج عن ناجي،بينما أعاني من صداع قاتل وألم في عيني اليسري كاد أن يحرمني الرؤية لولا قليل من رباطة الجأش.
قرروا الافراج عني أنا الآخر،دخلت أقرب حمام،بحثت عن حقيبتي..لقد ضاعت فعلا!
اضطررت للتجوال في كل ركن بحثا عن الحقيبة ولا فائدة..إلي أن توجهت لأكثر من مكتب كل منها أحالني للآخر إلي أن تم استدعاء شنطتي من مكان ما استنادا الي الباركود الملصق علي التذكرة.
واجهتني مشكلة في تذكرت الطائرة المتجهة لساركيوز،ثم مشكلة في المطار ذاته حين تأخر سائق التاكسي علي ما يقرب من ثلث ساعة كاملة بينما الوقت في منتصف الليل والثلج يهطل.
ضربت أخماسا في أسداس،فاليوم من أوله أسوأ ما يكون..مشكلة في تذكرتي في القاهرة ثم مشكلة مماثلة في نيويورك واحتجاز وضياع شنطة ثم استردادها وتأخر سائق التاكسي...كنت مستهلكا لاقصي درجة ممكنة..ذهبت للفندق لتكتمل المنظومة :لايوجد حجز باسمك!
حاولت مرارا وتكرارا وراجعنا الكثير من الاوراق الي أن تأكدوا..صعدت الي غرفتي ..حاولت فتح التلفاز..لم أفلح..كان هناك شيء ما بالريموت يحول بيني وبين ذلك..ألقيته جانبا ورميت نفسي علي السرير وقلت للريموت:يعني هي جت عليك إنت.