90s fm

الأحد، 6 يونيو 2010

حمام التلات..فقه النساء


كان أمامي خياران، إما أن أذهب مع صديقي الذي ستتزوج أخته قريبا، إلى سوق حمام التلات، أو أن أقضي اليوم في قراءة كتاب "الحياة الوجدانية عند الحيوانات".

انحزت للخيار الأول لأن الكلفة النفسية للثاني أكثر من فادحة ، فلم أعد أتحمل البكاء يوميا لأجل الفيل الصغير الذي ينتحب حين يوبخه مدربه في السيرك.

في حمام التلات..أرى فتيات في عمر الزواج يقلبن الحلل ويختبرن صلابة الملاعق ويبحثن عن أطباق الفاكهة الفولاذية والنشابات المتينة والصحون الاستانليسية ، وربما سيارات مصفحة ومدرعات مجنزرة ومروحيات وقاذفات صواريخ.

كل فتاة تصطحب أمها ووفدا من مخضرمات عائلتها ، سيدات ديناصوريات الحجم ، يقلبن كل الأشياء بتدقيق مبالغ فيه، ويختبرن متانة كل قطعة، ويسألن عن العمر الافتراضي للمشتريات ويعززن من منطقهن في عمليات الفصال بعدد من البيانات والمعلومات المقارنة بين أسعار البيع في المحل الذي هنا والمحل الذي هناك.. "فيم سيستخدمن هذه الأشياء؟".

الجدية المرتسمة ،والتفاني غير المبرر في عمليات الانتقاء، تذهب بخيالي بعيدا..

لابد أنهن سيصهرنها في فرن كبير كي نبني سدا مضادا للصواريخ..أو ربما سيشيدن بها جسرا طائرا بين الإسكندرية وأسوان..لابد أن المشروع جبار لهذا الحد.

يقلبن كل شيء ويمططن شفاههن ويفاصلن حد الإهلاك..ثم يتركن هذا ال"كل شيء" مبعثرا ويذهبن لمحل آخر!

لو دخلت أنا محلا ثم تركته لأشتري من آخر لاعتذرت للبائع عن المجهود الذي بذله معي بديباجة اعتذار تشبه بيانات الثورة الفرنسية :" اعذرني لأجل ما فعلت لكنك تعلم أن الطبيعة الإنسانية متقلبة وأن الأمزجة ليست سواء، سأشتري من مكان آخر ولا يعني ذلك أني أجحد مجهودك الشخصي، أشكرك على ما أخذته من وقتك".

أرى في وجه الفتيات الصغار بكارة الحياة ونضارتها، التشوق للزواج بوصفه "استراتيجية حياة" و"هدف أسمى"ـ أرى الحياة بصخبها كاملة هنا.

تلتقط سيدة حصيفة تساؤلاتي "الساذجة".."فيم سيستخدمن كل هذه الأشياء؟"..أرى في عينيها ردا مطولا يكاد يسحقني مكاني، فأنا بعينيها مجرد رجل آخر من أولئك الذين يلقون أغراضهم وينثرونها في كل مكان ولا يأبهون لنظافة محل معيشتهم، ولا يفرقون بين ما تغير في شققهم حتى لو غيرت الزوجة غرفة النوم والستائر والثلاجة دفعة واحدة. إنهم لا يلحظون أن زوجاتهم غيرن لون شعرهن أو قصصنه بصورة مختلفة.

هنا النساء يمارسن (كامل؟) أنوثتهن..هنا في حمام التلات ..نٌصنع الحياة.

هناك 11 تعليقًا:

حامد اسماعيل يقول...

التعليق لا ولن يعبر عن المعني الذي يملئ هذا الكلام .. كل ما عليا هو ان أشكرك لماذا لأنك ........ تكتب ..

تحية

فتحي الشيخ يقول...

صديقي الجميل تحياتي لك
لم اكن اتخيل ابدا ان تتواجد في يوم في حمام التلات، اما وقد حصل ، فهذا حدث يستحق المتابعة كيف يقضي صاحب المكعبات المغلقة الوقت في الاسواق ،احدي المناطق التي اعلنت السيدات انها تقع في نظاق نفوذها خاصة الدينصوريات منهن ، فنحمد الله علي رجوعك سالم

آيــة يقول...

أن يكتب رجل عن حمام التلات .. أمر مثير للدهشة و الاحترام معا ..
:)

...
"أرى في وجه الفتيات الصغار بكارة الحياة ونضارتها، التشوق للزواج بوصفه "استراتيجية حياة" و"هدف أسمى"ـ أرى الحياة بصخبها كاملة هنا."

يحدث جدا :)
..
تحياتي الكثيرة

Unknown يقول...

:)))))
أرفع القبعة لذكائك ...حمام الثلاثاء السيدات و البنات و الباعة ...علاقة ثلاثية لكل منهم رؤيته المختلفة لكن تبقى رؤية الفتيات هي الأجدى بالاهتمام و التعمق
أحييك بجد

غير معرف يقول...

مفيش تجديد , تكتب كل مرة بنفس الاسلوب و بنفس الطريقة
حاول تغير تجنبا للملل

راء يقول...

لأ فكك من حمام التلات وعدّي الشارع وامشي حبة كدة هتلاقي "درب سعادة" انا جبت كل حاجة من هناك :)

وسام كمال يقول...

هههههههههههههههههههههههههه
هايلة
أصلا أحلى حاجة البنات بتحبها في الجواز هي حاجات المطبخ حيث تكتسبن السيادة وحرية الانتقاء والإرث الأنثوي.

بس كل شوية وانت مش هتلاقيهم ديناصوات قوي هههههههههههههههههههههه

m.ali يقول...

نظره مختلفه كعادتك
رائع ومبدع

heba يقول...

"فيم سيستخدمن هذه الأشياء" نفسي واحدة من الديناصوريات دول يجاوبوني على السؤال ده .. أنا كفتاة يتم سحقي بالنظرات وبالكلام وباللوم وبالعتاب لمجرد تفكيري في سؤال كهذا .. تحياتي لأسلوبك الرائع

max.adams يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
max.adams يقول...

وهكذا تمضي الحياة ، انهم يملكون الأسرار الخفية للسعادة الزوجية ، تلك التي تختبئ خلف الملعقة الشقية أو الشوكة الذكية ، و نقصان سكين واحده من الطاقم ، قد يعني تشرد الأولاد الذين لن يستطيعوا تقطيع الفاكهة لغياب السكين المخصصة لذلك . مما يسبب انهيار البورصة التايلاندية ن التي تملك نصيب الأسد من حصص تأسيس شركة السكاكين .
الموضوع أكبر من جوله في حمام التلات