حادث عرضي، يدغدغ ذراعي اليمنى..أو هكذا أحس: وجع عميق بقسوة.
أذهب لأقرب مستشفى، فتستقبلني طبية عظام شابة (كيف استيقنت أنها تماثلني سنا، وتأكدت من ذلك فيما بعد؟).
أتذكر (Meet joe black).."إنك لا تدري متى يضرب البرق ضربته".
حين تلتقي العينان، وسط العاصفة، فتتثبتان تتفحص كل منهما الأخرى، تستطيل اللحظة فتبدو أبدا..ثم يكون ما يكون.
تضغط على يدي: يؤلمك هذا؟ أقول نعم.
بينما مع استمرار ضغطها، ينسحب الألم رويدا رويدا.
هناك يحلو للحبكة السيكولوجية، أن تصادر على الفسيولوجيا خصائها.
فأنا-افتراضا- متألم بقسوة مما ألم بي..لكن لمستها، وعينانا تلتقيان عن قرب، يبددان الألم.
النفس تداوي ما أعطب الجسم.
أفطن سريعا لما يجري..
يؤلمك هذا؟ قليلا..اضطغي يمينها ب2 سم من فضلك.
كلما لامست موضعا، كلما زال ما به الألمُ.
يؤدي أربعتنا عرضا مرتبكا: (الطبيبة والمريض/وحبيبة اللحظة المختلسة وحبيب اللحظة الحرجة).
أود أن أفسح مجال عمل/لمس الطبيبة..كي يأتنس الحبيب.
وهي تود أن يشفى المريض..ثم فلنتباحث أمر الحبيب.
أكبح جماح سيكولوجياي المبتهجة والمغتبطة، كي أتألم فسيولوجيا كما يليق بمصاب سوي، وكما يطمح "الحبيب المحتمل"..دعنا نمدد أمد لحظات التداوي.
تضغط ضغطة مؤلمة بحق (الآن أشعر بالألم فعلا) ثم أبتسم.
تسألني عن موضع الألم فأجيبها من غير تركيز: يمين المفصل، فوق تحت، أنا ماشي كانت في الشارع برضه تحت الشريان الأورطى المهندسين حلف الناتو أحمد البلوج شغلي مكرونة بالبشاميل يوم الاثنين عند البنزينة.
فتجيب إجابة حصيفة جدا، بينما عينانا مثبتتان على نحو مدهش في بعضهما البعض: الشرايين لما تتخبط المسلسل بييجي بالليل الورد والقيمص الأبيض بعد صلاح سالم ناكل بيتزا والحكومة الانتقالية موسيقى موتسارت.
تلفق جبيرة لي، تلائم موضع الألم، وأتمنى في هذه اللحظة لو أني جميعا تدغدغت ما كانت هي المداوية.
الأمر يتخطى التعاطف العارض بين الطبيب والمريض( الذي تستحي كتب علم نفسه من وصفه بالمراهقة المؤقتة)، ليخلق أمرا واقعا، يقول أن البرق يضرب ضربته في لحظة، وأن الحب يجيء-كما الموت- بغتة.
بعد تجبيري بالشاش، أقول لها: كنت أتمنى أن يكون جبسا، كي تكتبي لي عليه بالشفاء أمنية، ثم تذيلينها برقم هاتفك، كي أشكرك حين أتماثل للشفاء.
تبتسم وتقول: تقوم بالسلامة.
أفيق لوهلة، فأحس أن سكرة "المراهقة المؤقتة" راحت، وأن الطبيبة عادت لثكنة الطبيبة وأن المريض يتألم بقسوة دون أن تسعفه سيكولوجياه المغتبطة "سابقا".
أحس أنني أحمق فعلا..لكن هذا الشعور يتبدد حين أتفحص روشتة الدواء فأجد رقم هاتف محمول بجوار اسم الطبيبة..وتحت قائمة المسكنات وردة مرسومة برقة..
حين قربت الروشتة من وجهي..شممت رائحة تلك الوردة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق