(عجبت لسعي الدهر بيني وبينها...فلما انقضى ما بيننا سكن الدهرٌ)..أبو صخر الهزلي
الغريب في الحب، أنه إرادة مشتركة، يستتبعها تواطؤ كوني.
وبمقدار ما هي الإرادة، بمقدار ما سيكون التواطؤ.
جذوة الإرادة حين تتقد بداخلي-دعني أحكي عن نفسي قليلا كما عودتك في هذه المدونة- أحس أنني أرغم الكون على التماهي مع إيقاعاتي الشخصية، ويلح على ذهني فيلم الكارتون الشهير fantasia 1949 الذي يلعب فيه ميكي ماوس دور الساحر، ويتحكم في الأشياء من حوله ويجعلها تدور في فلكه الشخصي.
حين أحب فلانة، تتشابك كل العناصر وتتعاضد بحيث نتقابل، ونتحدث.
حين أحب فلانة، تتشكل كل الصدف-من الفراغ البحت- كل نجتمع سويا.
حين أحب فلانة، تنحسب مكونات بعينها من المشهد ويحلها محلها مكونات أخرى، بحيث يصير المسرح لنا وحدنا، سنؤدي عليه ما شئنا، وسط استحسان مقطوع الأنفاس من هذا العدم وذاك القدر اللذان يراقبان ما يحدث في نشوة وخدر بائنين.
متى تتغير هذه الحالة؟
حين أحب فلانة (هذه)..وتحبني هي.
في هذه اللحظة، نكون إرادتان معا، في مواجهة واقع أضعف منا سويا.
أنا أثق أنني بإرادتي الشخصية منفردا أغير قوانين الكون ونواميسه.
(كنت صغيرا حين كنت أختلي بنفسي في غرفتي وأقرر-بصورة غير قابلة للتراجع- أن القوات الأمريكية في العراق لابد أن يصيبها عطب ما اليوم، فتجيء أخبار نشرة التاسعة بتدمير دبابتين إبرامز، ومقتل سبعة جنود هناك)..(لا يعنيني أن ينسبوا الأمر للمقاومة أو لجماعة أبو الزحفليت الحوقاني)
(كم أمطرت الدنيا لأجل في غير أوقات المطر، وكم تشابكت السحب أمام منزلي، وكم من مرة انكسر عنق فلان الذي أكرهه-أنا أكره بصفاء مدهش- وكم من مرة دخلت غرفتي فوجدت أحدهم ترك لي عليها كيس عسلية ونبتتي ريحان).
لكن حين تعانق إرادتي إرادة من أحب، أحس أن شكل قوتنا المشتركة مذهل.
(لذلك لا أتورع من التلويح من وقت لآخر بالخطف كفعل كلاسيكي في المتناول، مادمنا سويا في ظل إرادة مشتركة)
حين تتحد الإرادتان، يجيء كل شيء لينتظم في إطار الجاذبية التي تربط مكونات هذا المشهد مع بعضه البعض (أنا أعشق ميكانيكا الكم).
الفيرمونات: أو الروائح الجسدية الخاصة التي يفرزها جسد كل واحد منا، وعلى ضوئها وبصورة كبيرة يتحدد مدى قابلية اثنين للارتباط معا، تصبح في أدق لحظات انسجامها.
فيرموناتي وفيرموناتها..نعزف سويا مقطوعة في تمجيد الطبيعة وقوانينها الفسيولوجية الرائعة، وأقول لها ما رأيك أن أذهب لأبيك وأقول له والله يا عمي أنا وبنت حضرتك فيرموناتنا متوافقة جدا، وعشان كده أنا قررت أخطفها ولما نتجوز هعزم حضرتك طبعا.
التناسق الفلكي: كأن يمر زحل من الشمس، أو يقابل المشترى برج الأسد، أو أيا من هذا الهراء الذي تتحدث عنه ماغي فرج.
تناسقنا، يصبح اقتناصا للحظة لا تتكرر إلا كل ستين سنة.
فأنا من الذين يسيطر عليهم فلكيا كوكب (نبتون)..هذا الأزرق الجذاب المنزوي منفردا في آخر المجموعة الشمسية. وهي ستكون ممن يؤثر عليهم أي شيء.
بمراجعة الخريطة الفلكية سيتضح أن نبتون وهذا ال(أي شيء) الآن في أقصى درجات توافقهما الكوني.
كل شيء يتناسق بقدر.
يتناغم بإرادة.
لذلك الحب مشروع "إرادة" من الطراز الأول..أن نظل على إرادتنا بأن يتم هذا.
حين تنزوي الإرادة، في أي من مراحل هذا الحب (حتى في مرحلة الخلق الجنيني، التي تتطلب دأبا وإرادة مشتركة أطول، كي يجيء للدنيا هذا الحب، ولا يتحول لمجرد أثلولة جنينية-وفقا للتعبير العلمي الغبي- في رحم العاطفة ويتلاشى في العدم).
ومن ثم قال شاعر لا أعرفه:
فلا تبك حبا جنينا عليه...سقيناه هجرا طويلا فملَ
الشاهد، أن الإرادات إذا لم تحسم موقفها، فإن الحب كما يولد فكرة..يموت فكرة.
حين أقيم الأمور، أحس أن إرادتي تعاف كل شيء منذ سنة.
وأن كل بوادرها، بوادر أثلولية..إلى زوال.
وإلا فقل لي كيف لم أنجب 10 آلاف طفل إلى الآن (هي فكرة مروعة بحد ذاتها أن تكون أبا) وكيف لم أقل لكل اللوائي توافقت معهن فلكيا أو فيرمونيا (دعك من ذهنيا ونفسيا الآن) سر التجاذب الطاريء الذي لم يستطعن تفسيره وأفهم أنا سره منفردا.
إرادتي، تحتاج لنفضة ترج كياني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق