ربما هم محقون: أنا لا أتكلم بطريقة مفهومة تماما أو على نحو واضح.
بالنسبة لي أرى نفسي واضحا جدا، لكني لا أكلم نفسي.
أعيد ترتيب الأمور والملابسات، وأتقصى مسار الجذور فأفهم الأمر بصفاء كامل.
أولا: كنت أحفظ القرآن على يد صديق صوفي يكبرني بنحو 15 عاما، كان يقطع بي طرقة المسجد من أوله لآخره بينما يلقنني آي الكتاب، كان لايقول شيئا أبدا بطريقة مباشرة لأن المباشرة فيها نوع من الصلافة وفيها افتراض لضعف الذكاء الطرف الآخر.
فالقاعدة الأخلاقية تقول أن عليك أن تلفت الآخرين إلى الأشياء برفق وبنحو غير مباشر كي لا تجرحهم.( قل أن الجو بارد اليوم، كي يستنتج فلان أن عليه أن يغلق شباك النافذة)
كان يصحبني دوما لعالم المجاز والحديث المرمز، حيث يتحدث أئمة الصوفية بلغة نصف ملغزة، لغة تشي ولا تحدد، لغة ضنينة شحيحة، تحتاج لمكابدة لفك طلاسمها، فحفظت المقاطع والمتون، وأصبحت هي لغتي في مخاطبة من حولي.
ثانيا: كان وضع أبي تحت المراقبة والتجسس، وكانت رحلاتي له إلى المعتقلات التي يحل عليها واحدا تلو الآخر ، دافعا كبيرا كي أخترع لغة مشفرة أستطيع التواصل بها معه دون أن يستوعب الرقيب حرفا. فكنت أخلط كلماتي بكلمات مهجورة من وحشي اللغة، وأمازجها بألفاظ غريبة من لكنات عربية أخرى، مربكة الوقع الموسيقى على الأذن المصرية،وأعمد إلى خلطها بأنصاف أبيات شعرية باستهلالات أحاديث بكلمات مفتاحية في مواقف شخصية.
أبي بذاته يسمع نصف الجملة من أي شخص ويستنتج نصفها الآخر، إلاي، يسمع أول كلمة فيفهم مرماي فورا.
(ذات مرة هددني الضابط و.ف مسؤول أمن الدولة في معتقل طرة، وقال لي: تحدث بطريقة مفهومة لي وإلا..، فقد كانت الزيارة كلها خاضعة للمراقبة).
ثالثا: أنا بطبعي، أختار من أتواصل معه، ولا أعتبر التحدث مع الآخرين أمرا طبيعيا، ينبغي أن أفكر قبل أن أستهلك نفسي وعمري في الحديث مع شخص تافه أو سخيف او مغير لي أخلاقيا وقيميا (العمر قصير جدا كي أحرق دمي)، ومن ثم كنت دوما أتحدث بطريقة مثيرة للنفور والملل، درءا لاجتذاب المستهلك العام.
رابعا: تعودت مع المقربين مني أن يستوعبوني دون أن أتكلم، ربما لأن كل ما يختلجني يظهر على وجهي بسهولة فائقة، تفهمه القطط في الشوارع وتستنتجه الأسود في الغابات، وتقرأه النسور من أعالي الجبال، ومن ثم لم أجد ضرورة لتطويع اللغة للتعبير بها عن الاحتياجات العادية للآخرين، فالدائرة اللصيقة تستوعبني جدا.
خامسا: لا أركز عادة في حديثي، لأني لا أتكلم مع من أمامي فحسب، بل أخاطب كثيرين غيره (ليس ذنبي أنه لايراهم)، لذا أنا أقول نصف جملة بطريقة نصف مفهومة، ظنا أن كل الحاضرين استنتجوا النصف الثاني، بينما في حقيقة الأمر أنا لا أكلم إلا نفسي.
ومن ثم وبناء على ما سبق، فقد قررت أن أكمل طريقي على نفس النحو، وليفهم من يفهم، وليستغلق الأمر على من يستغلق عليه، فأنا لا أريد الكلام مع كل أصدقائي البشريين في الكوكب الأرضي بنفس المقدار من الرغبة.
بالنسبة لي أرى نفسي واضحا جدا، لكني لا أكلم نفسي.
أعيد ترتيب الأمور والملابسات، وأتقصى مسار الجذور فأفهم الأمر بصفاء كامل.
أولا: كنت أحفظ القرآن على يد صديق صوفي يكبرني بنحو 15 عاما، كان يقطع بي طرقة المسجد من أوله لآخره بينما يلقنني آي الكتاب، كان لايقول شيئا أبدا بطريقة مباشرة لأن المباشرة فيها نوع من الصلافة وفيها افتراض لضعف الذكاء الطرف الآخر.
فالقاعدة الأخلاقية تقول أن عليك أن تلفت الآخرين إلى الأشياء برفق وبنحو غير مباشر كي لا تجرحهم.( قل أن الجو بارد اليوم، كي يستنتج فلان أن عليه أن يغلق شباك النافذة)
كان يصحبني دوما لعالم المجاز والحديث المرمز، حيث يتحدث أئمة الصوفية بلغة نصف ملغزة، لغة تشي ولا تحدد، لغة ضنينة شحيحة، تحتاج لمكابدة لفك طلاسمها، فحفظت المقاطع والمتون، وأصبحت هي لغتي في مخاطبة من حولي.
ثانيا: كان وضع أبي تحت المراقبة والتجسس، وكانت رحلاتي له إلى المعتقلات التي يحل عليها واحدا تلو الآخر ، دافعا كبيرا كي أخترع لغة مشفرة أستطيع التواصل بها معه دون أن يستوعب الرقيب حرفا. فكنت أخلط كلماتي بكلمات مهجورة من وحشي اللغة، وأمازجها بألفاظ غريبة من لكنات عربية أخرى، مربكة الوقع الموسيقى على الأذن المصرية،وأعمد إلى خلطها بأنصاف أبيات شعرية باستهلالات أحاديث بكلمات مفتاحية في مواقف شخصية.
أبي بذاته يسمع نصف الجملة من أي شخص ويستنتج نصفها الآخر، إلاي، يسمع أول كلمة فيفهم مرماي فورا.
(ذات مرة هددني الضابط و.ف مسؤول أمن الدولة في معتقل طرة، وقال لي: تحدث بطريقة مفهومة لي وإلا..، فقد كانت الزيارة كلها خاضعة للمراقبة).
ثالثا: أنا بطبعي، أختار من أتواصل معه، ولا أعتبر التحدث مع الآخرين أمرا طبيعيا، ينبغي أن أفكر قبل أن أستهلك نفسي وعمري في الحديث مع شخص تافه أو سخيف او مغير لي أخلاقيا وقيميا (العمر قصير جدا كي أحرق دمي)، ومن ثم كنت دوما أتحدث بطريقة مثيرة للنفور والملل، درءا لاجتذاب المستهلك العام.
رابعا: تعودت مع المقربين مني أن يستوعبوني دون أن أتكلم، ربما لأن كل ما يختلجني يظهر على وجهي بسهولة فائقة، تفهمه القطط في الشوارع وتستنتجه الأسود في الغابات، وتقرأه النسور من أعالي الجبال، ومن ثم لم أجد ضرورة لتطويع اللغة للتعبير بها عن الاحتياجات العادية للآخرين، فالدائرة اللصيقة تستوعبني جدا.
خامسا: لا أركز عادة في حديثي، لأني لا أتكلم مع من أمامي فحسب، بل أخاطب كثيرين غيره (ليس ذنبي أنه لايراهم)، لذا أنا أقول نصف جملة بطريقة نصف مفهومة، ظنا أن كل الحاضرين استنتجوا النصف الثاني، بينما في حقيقة الأمر أنا لا أكلم إلا نفسي.
ومن ثم وبناء على ما سبق، فقد قررت أن أكمل طريقي على نفس النحو، وليفهم من يفهم، وليستغلق الأمر على من يستغلق عليه، فأنا لا أريد الكلام مع كل أصدقائي البشريين في الكوكب الأرضي بنفس المقدار من الرغبة.
هناك تعليق واحد:
مش مهم كل الناس تفهمك ... كفايه انت فاهم نفسك والقريبين منك ويهموك فاهمينك
فيه ناس اجتماعيه بطبعها وبتحب تعرف اى حد ... وفيه ناس بتكتفى بس باللى حواليها واللى فاهمينها
المهم انك تكون نفسك وخلاص :)
إرسال تعليق