لماذا بدا حضن اليوم كاسحا لهذا الحد؟
اجتاحني وبعثرني (ومن ذا الذي يصمد أمام ذراعين معتصرتين، تطوقانه كأنهما اشتبكتا حواليه بلا ربغة في فكاك)..وكالعادة ترك دمعا محتقنا، لا هو باحتباسه ستر، ولا هو بجريانه خفف الوطء.
الاحتضان هو الفعل الأكثر حميمية في عرفي..تطابق الضلوع على الضلوع، تماس عظمتي القص في صدر كل طرف، تكامل الجسدين لوهلة..ذوبان مؤقت.
إراحة الخد على الخد؟ ملمس الجلد؟ رائحته؟ تداخل شعر الشخص الآخر في أذنك؟
لا أعرف.
لكن قطعا كان مسرح الحدث البطل، كل احتضانات المطارات ومحطات القطار ونقاط السفر..دراماتيكية.
تذهب دراسة إحصائية موثقة إلى أن القطع الإذاعية التي تخص القطارات تحظى بأعلى نسبة استماع وتسترعي أكبر قدر ممكن من التركيز، لدى المستمعين.
ولم يفهم القائمون على الدراسة سر هذا الأمر حتى اللحظة.
ربما في حنين السفر، في دفقة الاستقبال، وفراغ الوداع الموحش..ربما في الانتقال من نقطة من مجهول محتمل لمجهول ملتبس.
ربما هذا كله.
احتضنت بطريقتي المعهودة.
يمناي، بأصابعها الخمس في منتصف الظهر، يسراي بأصابعها الخمس تحت العنق، ذقني تضغط كتف محتضني الأيسر، صدري ينطبق على صدره كصخرة لا تتأملد مواضعها.
الصوت في خلفية الاحتضان، هبوط طائرة أو إقلاع قطار لا يهم..التشوش واحد، الزحام واحد، انعدام التمييز واحد..لا يبقى سوى استراقة الوجه المودع (بالفتح والكسر) لك وسط زحام لا ينفض.
أنغرس مكاني وعيناي مثبتتان على موضع واحد، حتى مع انقضاء مغزى التركيز فيه. ومايزال دفء انطباق عظمة القص على عظمة القص، يبث لفح هجيره فيما تحت محجري عيني.
هناك تعليق واحد:
اسلوبك رائع بجد .. بتقدر توصف ابسط الحاجات اللى ممكن كتير مننا يحسوا بيها بس مايعرفوش يوصوفوها كده .. انت بقى بتوصفها بابداااع
الحضن .. دفء
وفى احيان اخرى ملاذ وملجأ نختبىء بداخله من مشاكل الحياه وهمومها فنشعر بالامان والسلام النفسى
إرسال تعليق