حين تنامين، متخلفة عن المواعيد المضروبة
بيننا، ينشط شيطان ما، ويجوب يمنة ويسرة، لأجل إفساد كل شيء.
***
فمثلا مثلا: أتلقى دعاوى لانهائية للذهاب
للسينما مع أشخاص، لا يبدو لي غرضهم النهائي هو الذهاب للسينما، ولا يبدو أن
الحديث الذي ينتوون إجراؤه معي سيكون حول روعة الفن السابع.
كما أن البعض يطري على لون عيني كل إسبوعين مرة، وهو بطبعه يتغير يوميا كما تعلمين أكثر من سواك، هذا فضلا عن أنه-بمنتهى الأمانة- شديد العادية بطبيعته، على نحو لا يستدعي أي معاكسة
مقنعة.
دعك من هذه التي تحدثني عن زاوية تحدر ذقني، وكيف هي "سو كيوت ع
الآخر" وتذكرها بالمحاربين الرومان القدماء. وأنت تعلمين أن شيطاني لن يمنعني
من الحديث معهن عن الإلياذة والأوديسا، وفسيولوجيا تغير لون العين وفقا لدرجة
الإضاءة المحيطة.
(أي نعم أنت مللت هراء ويكيبيديا الذي أمطرك
به كلما التقنيا، لكن البعض مازال يراه فاتحة خير في حوار لطيف)...(كثيرات يا
حبيبتي لم يضربهن الملل مني بعد).
كل هذا هراء من وجهة نظري، والشياطين-مجتمعة-
لم تحرك وفائي لك قيد أنملة حتى الآن.
لكن هذه التي تعد رسالة ماجستير-في الأغلب هي
رسالة وهمية- وتطلب مني لقاء بغرض نقاش الآليات الجديدة لتاريخ ما قبل العصور
الوسيطة وعلاقته الجدلية بنشأة المدونات التي يكتبها صحفيون في إطار المرجعية
الشاملة لإذاعات الانترنت على خلفية اقتصاديات العسلية في الشرق الأوسط، هي
بالأحرى لا تريد وجهة نظري العلمية الصائبة، بمقدار ما ستحكي لي بكثير من الشحتفة
عن تدوينة هنا ونوت هناك، وكلمة ألقيتها في مؤتمر إنقاذ إسفنج البحر عام 2008.
كل هذا لا يغير من صلابتي ولا وفائي لك شيئا،
حتى هذه التي تقول لي هيا نلتقي لنشرب عصير الجوافة ونناقش مستجدات العلاقات
الأوروبية الحديثة مع تطور حركة حقوق الإنسان في سوريا، بينما هي في حقيقة الأمر
تود أن نطور مستجدات بينية مشتركة، كل هذا..هذا كله، والله لا يؤثر في شيئا.
الشيطان الذي يعمل ضدك بصورة مباشرة، يسوق لي
كل الألوان وكل الأعمار والأنماط، وأنت تعرفين أنني محصن ضد من هو عداك أنت.
الأمر يا حبيبتي متعلق بك، وبمهمة شيطانك
الرائدة في إفساد علاقتنا سويا، ولا يمت بصلة من الصلات إلى جاذبيتي التي لا تبقي
ولا تذر. ( لا تمصمصي شفاهك وتقولين لهن إشربنه وإشربن تعنته حيال المواعيد وحدة
لغته وكثرة سرحانه وحبه المبالغ للكارتون، لأن شيطانك سيوجد واحدة على الفور مولعة
بكل هذا).
صدقيني، اتلقى عروضا رائعة، واحدة تعرض أن
تعد لي بنفسها نيسكافيه منضبط المقادير، وأخرى تريد أن تعلمني التنس أو الغوص في الأعماق، وثالثة
تدعوني للذهاب إلى رحلة صحفية في الضاحية الجنوبية بلبنان للتحقق من طبيعة التواجد
الإسرائيلي في خلايا حزب الله..وأنا أعرف أن آخر ما تريده هو الله..أو حزبه.
صدقيني، الشيء الوحيد الذي يفت في عضدي، هو
أنني منتظرك على الغداء كما تواعدنا، وأنا لم آكل منذ 20 ساعة، ووفائي لك يمنعني
من الأكل منفردا.
أرجوك لا تتأخري عن مواعيدنا مرة أخرى. فأنا
ضعيف أمام الأكل، وأحيانا أخرى ربما أضعف حيال دعاوى تناول الكرواسون المضمخ
بالقرفة في شوارع وسط البلد.
حبيبتي، أنت الآن متأخرة ساعتين و45 دقيقة عن
ميعادنا، ليصبح مجمل ما تأخرتيه : 45 ساعة و13 دقيقة.
ألا يكفي هذا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق