اليوم مررت بجوار منزل إيناس التي كانت تدرس معي بالصف الثالث الابتدائي،حين رأتني ذات مرة قبل ثلاثة عشر عاما أشارت لي "باي باي"..استغربت الفعلة ساعتها،فإيناس كانت مخمرة وتحفظ كثيرا من القرآن وكان أبوها رجلا ملتحيا..و"البيبية" (كإشارة مودة واحتفاء) فعل دخيل_ثقافيا_علي إيناس..فضلا عن طبيعتي كطفل خجول،تربكه ابتسامة،وتثير اضطرابه "بيبية".
اليوم،بعد طعنات سخيفة عابرة في تاريخي الطفل،أدركت أن الاستشهادات المنطقية والتراتبات العقلية،وإيراد الأدلة علي نحو متواتر هو من سمات المحامي الحاذق،فالحق وحده لايكفيك أن يكون معك كي تفعل كل هذه الأشياء..ومن ثم فإن تقييمي للأمور سيكون علي النحو التالي:
1-"&&" يتراءي له أني محض غرّ متعجرف،ينبغي عليه_كإبن بار لتقاليد مؤسسية عريقة_أن يكسر عنق هذا الصلف،بالهزار تارة وبالجد تارة أخري،فقط لا يثنيه عن عزمه "السامي" سوي أن بعض الأقوياء يقفون في صفي ويحبوني..لكن هذا علي أية حال لن يقف عائقا بينه وبين كسر نفس أهلي،فالمهمة الطفلة الساذجة التي نذر نفسه لأجلها ستمضي ولو تكسرت النصال علي النصال.
2- أما "##" علي عكس ما بدا منه نحوي،امتدحني في غيبتي،رغم دأبه_الذي يقع بين وجاهة التبرير حينا،وحماقة التصيد تارة_في إثبات أوجه النقص في كل ما أنجزه لينخرط بعدها في توجيه نصائح أبوية_غير مجدية_ تتشح برداء الحكمة الخالصة، وساعتها اكرر ما افعله كل مرة:أوميء له إيماءة لا تشي أني اقتنعت،ولا تعكس في نفس الوقت مدي احتقاري للحظة الراهنة،أغادره لأتقيأ جلستي معه.
3_" ** " آذتني أشد الإيذاء حين أخبرتها أني أخاف أن تتركني في الظلمة بمفردي،سيما أن أمي ذهبت للسوق وأنا أخاف الأشباح التي تسكن غرفة النوم الكبيرة في بيت جدي،لكنها ذهبت وتركت الأشباح تعوي في أذني الطفلة..وأمي لازالت في السوق..متي تعودين أنت،أو بالأحري ووفقا لرغبتي، متي تعود أمي؟
4-" **** " الساذجة الطيبة النرجسية المغلوبة علي أمرها،استجابت لرغبتي وقررت أن تسير معي مسافة طويلة ممسكة بيدي،في سخاء بالغ منها،ربما كانت يداها_بطراوتها_ إنعاش حيّ لذكريات أيامي الجميلات مع "عطرية الحلول" التي تركتني وحيدا وسط أشباح بيت جدي القديم.
5-أعود لنقطة صفرية حين يخبرني المحيطون بي أن أني أتفوه بأنصاف جمل،وأقول أرباع المعلومات المطلوبة ،واني أحيل الناس إلي ما في نفسي_وهم حتما لايعلمونه_ وأتعجب في نهاية الأمر لماذا لم يستوعبوا ما أقول؟
6_إعجابي بالمجاز،لا يتعدي علاقة الاستغلال المباشر والصريح والمؤقت السريع،لكنهم يجزمون أن المجاز لديّ.."نمط حياة".
7-إذا أنا أصفي حساباتي مع "عاطفيتي" و"اندفاعي" الطفليين بنفسي قبل أن يجهز أحدهم عليها بغير رحمة،لأني ساعتها لأن أتخلي عن ذاتي لتهوي أمام عيني بيدي من هو بالضرورة ليس أنبل مني ليقتلني بمشيئتئه.
8-وأن أنشر ما أكتب ..هو في حد ذاته انتقام من الذات أو نوع من المجاهرة بالنقص كي تفسد الفرصة علي الآخرين بانتقادك،ولتطلعهم علي حقيقة تامة أنت أعلنتها لنفسك منذ زمن سحيق،لقد قلت لنفسي :يانفسي اعملي ما شئت فإني راض عنك،رضيت عنك رضاءا لا بعده سخط ولا نصب..طوبي لك يا نفسي الطيبة التي تسكن جوانحي.
9-الأمر ليس بارنويا متقدمة بمقدار ما هو مصارحة بواحد علي مليون من طبيعة عدة علاقات ومتغيرات مرتبطة ببعضها أشد الارتباط ولا يجوز لي الافصاح عنها_كما يقول النصابون والمدعون والأولياء عادة_ولك أن تحسبني علي أي الفرق شئت.
10-لقد حسمت امور الملكوت بيني وبين نفسي منذ زمن،لكن تجديد ترديد هذه الامور مفيد جدا،حتي لا يطالني صدأ الحياة وأنسي عهدي الأول،وسط تفاصيل كثيرة علي الأرض الفانية التي يوما ستشرق بنور ربها.
11-بعد كثير من التجرد من ملبوساتي الداخلية أمام نفسي،أجدني الآن حاسر الرأس طفلا لا تكسوه "شطارة" في الشغل ولا "حلاوة" في اللسان ولا "روحانية" في الهيكل ولا "نورانية" في المسير،وكل ما احتاجه هو أعمل كثيرا وأن أصمت كثيرا،وأن أبطش حين أبطش لا يبقي علي مدي بصري "ز"..ولا تمعن في كيّ قلبي "** " ولا أحتاج آخر اليوم إلي إمساك يدي "**** " الطيبة كنوع من التبرع السخي لصديقها الذي وجد نفسه فجأة بحاجة إلي سحق معني "العالم" بداخله ليأنس آخر الليل بقراءة مذكرات "متي المسكين".
هناك تعليقان (2):
يا صاحبى انى حزين
طلع الصباح فما ابتسمت
ولم يُنر وجهى الصباح
وخرجت من جوف المدينه
اطلب الرزق المتاح
وغمست فى ماء القناعة
خبز ايامى الكفاف
ورجعت بعد الظهر فى جيبى قروش
فشربت شايا فى الطريق
ورتقت نعلى
ولعبت بالنرد الموزع
بين كفى والصديق
قل ساعه أو ساعتين
قل عشرة أو عشرتين
وضحكت من أسطورة حمقاء
رددها الصديق ودموع شحاذ صفيق
وأتى المساء.....فى غرفتى دلف المساء
والحزن يولد فى المساء لأنه حزن ضرير
حزن طويل كالطريق
من الجحيم إلى الجحيم
حزن صموت
والصمت لايعنى الرضاء
بأن أمنية تموت
و بأن أياما تفوت
وبأن مرفقنا وهن
وبأن ريحا من عفن
مس الحياة
فأصبحت وجميع ما فيها مقيت
بس لو اعرف فين منزل ايناس دة .. يخرب بيت اللي يعورك داخليا تاني مرة
الحاجات اللي فهمتها جامدة جدا سيبني شوية كدة مع المعجم والباقي هايطلع جامد برده :)
إرسال تعليق