الإجراءات الأمنية الجديدة التي تعتزم أمريكا اتخاذها (ضد/حيال) مسافري بعض الدول "المارقة" أو "المصدرة للإرهاب" ستصل لحد عرض هؤلاء الركاب على أجهزة كاشفة لكل (كل) أجزاء الجسد ، في محاولة لتأمين مواطنيها ضد الإرهاب، حسبما بثت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام على مدار اليومين الفائتين.
وقد خضعت بصفة شخصية للكثير من إجراءات الاشتباه والتوقيف ،في المطارات، بصورة تجعلني أتابع أي جديد في هذا الشأن ما حييت.
ففي مطار شارل ديجول بالعاصمة الفرنسية باريس، في سبتمبر 2008، استوقفتني مسؤولة أمنية بالمطار قبل التوجه للطائرة البوينج المتجهة رأسا لواشنطن، وأشارت للحقيبة التي أحملها على ظهري وقالت : من فضلك افتح هذه الحقيبة..فتحتها بهدوء بينما تترصدني نظراتها بصورة شككتني في نفسي، أخرجت اللابتوب ووضعته أمامها على المنضدة المعدنية وشرعت في استخراج باقي ما احتوته الحقيبة من وحدات الشيكولاتة وحبوب الصداع.
استوقفتني الموظفة مرة أخرى، بينما تبتسم بصورة متوترة، ثم أشارت إلى اللابتوب..من فضلك افتحه!
اندهشت لطلبها، وحدقت في عينيها في محاولة لقراءة ما وراء فتح اللابتوب، لكن توترها بعثر أي فكرة تحاول الاكتمال في ذهني بخصوص ما أتعرض له..
أول ما ضغطت على زر الباور، تراجعت الموظفة خطوة للخلف بصورة سريعة، كدت على إثرها أن انبطح أرضا من هول المفاجأة، لولا أني تذكرت أني نسيت حشو اللابتوب بالشحنات الناسفة التي استعملها من وقت لآخر، فوقفت رابط الجأش استعرض شاشة الويندوز اللطيفة في مطار شارل يجول الأنيق في أجواء ملؤها الحميمية والرغبة في التواصل الانساني المشترك..إلى أن شكرتني الموظفة وسمحت لي بركوب الطائرة.
(يتخوفون من بعض الركاب الذين يضعون شحنات ناسفة في أجهزتهم المحمولة والتي تنفجر فور الضغط على زر الباور)
أما في مطار جون كنيدي في نوفمبر 2008 في نيويورك، فقد تم توقيفي بلا سبب لمدة وصلت ل4 ساعات لم يتم خلالها سؤالي أي سؤال جدي من قبل أمن المطار، حتى صرفوني من غرفة الاحتجاز بعد حوالي سدس يوم من الاعتقال غير المسبب.
حصلت خلال حرب الساعات الأربع التي خضتها في غرفة الاحتجاز على الكثير من الخبرات حول طريقة التحقيقات التي تجريها السلطات الأمريكية مع محاولي دخول البلاد بصورة غير شرعية ومع الهاربين من أمريكا اللاتينية والمكسيك لنحو "أرض الحرية".
وفي نفس المطار وأثناء رجوعي للقاهرة بعد ذلك الميعاد بحوالي أسبوع كامل، عمد موظف مصر للطيران في نيويورك إلى وسم تذكرتي بعلامة غير مفهومة، بدا بعد ذلك أنها علامة سرية تقضي بإخضاع حامل هذه التذكرة لأقصى إجراءات أمنية ممكنة، لم تكن بدايتها خلع الحزام والحذاء والتخلي عن كل العملات المعدنية التي أحملها في أغراضي، ولم يكن آخرها وضعي بين جدارين تتخللهما أشعة ماسحة لفحصي بصورة شاملة.
وما بين هذه الوقائع، الكثير من التفاصيل الأخرى التي لا تحضرني حاليا، لكن السؤال الأكثر إلحاحا بالنسبة لي كان دوما : لماذا أنا دونا عن ركاب طائرتي الذي أتعرض لكل هذه الشكوك والتفتيشات؟
أحد زملاء السفر كان يقول لي: هدوءك مستفز لأي شرطي، انت تتحرك بيقين وابتسامة غير مفهومتين إلا لشخص ضمن الجنة والنعيم الأخروي بين جنباته، ومن يضمن هذا إلا انتحاري يوشك أن يفجر نفسه فيظن أن ما بينه وبين الجنة قدر ذارع؟
لكن عمر الهادي يقول لي: أحمد كن واقعيا! حقيبة ظهرك تبدو كحقائب الانتحاريين ورجال المهام الصعبة ، هي لا ينقصها سوى لافتة صغير تشير :"حقيبة الانتحاري الذكي".
أتفحص الحقيبة مرة أخرى فإذا هي حقيبة لافتة للنظر مثيرة للريبة، فعلا، وتكفي لسجنك مدى الحياة حتى لو كانت ملآنة بالنوجة!
ومع انعدام أي سبب منطقي من وجهة نظري كي يتم اخضاعي لكل هذه الاجراءات في كل مكان أحط رحالي فيه ، أتساءل عن مصير الركاب الذين سيصلون الولايات المتحدة من تلك الدول التي تم ادراجها في قائمة المستباح تفتيشهم بأحط الصور.
هناك 3 تعليقات:
Great , Thumps Up
كالعادة مدخلك لاي مقال مثير للاهتمام
هل لك حساب علي تويتر
محمد-انجلترا
بجد انت فظيع انا شفت ليك اللقاء اللي كان علي المحور طريقه كلامك مرتبه لدرجه مريبه
ولايهمك م التفتيش التفتيش للجدعان
إرسال تعليق